زيت السيارات ينافس زيت الزيتون بسعره .. 70% من الزيوت المعروضة في السوق مغشوشة
دانيه الدوس:
ربما لن نتعجب إذا قامت دوريات التموين مؤخراً بضبط زيوت سيارات مغشوشة بزيت الزيتون، الذي أصبح سعره أغلى من سعر زيت الطعام.
حيث ارتفع سعر زيت السيارات لأكثر من 100% خلال الأيام القليلة الماضية ليتراوح سعر 4 ليترات من الزيت الجيد ما بين 70 و80 ألف ليرة، بينما يصل سعر 4 ليترات من الزيت الممتاز إلى 130 ألف ليرة كما يؤكد مدير شركة تريبتون لصناعة الزيوت عبد الرزاق شحرور، وربما تجد أقل من ذلك السعر في السوق بـ50 ألفاً لكنه مغشوش بالتأكيد -كما يضيف- فتكلفة غالون الزيت بين زيت وكرتون ولصاقة وإضافات ومصاريف إنتاجية يتجاوز الـ 60 ألف ليرة .
أسعار مضاعفة
خلال أسبوعين فقط ارتفع سعر زيت السيارات لأكثر من 10% كما يؤكد شحرور بسبب تغير سعر النفط عالمياً فقد وصل ارتفاعه خلال عام إلى 100% حيث كان سعر برميل النفط 60 دولاراً وبعد حرب أوكرانيا أصبح 123 دولاراً، ليس هذا هو السبب الوحيد لارتفاع سعر الزيت بل تأثر البلاد بالعقوبات الاقتصادية وارتفاع سعر الشحن البري والبحري، حيث زادت أجرة الحاوية 10 أضعاف فقد كانت بـ1600 دولار وأصبحت بـ15 ألف دولار، إضافة إلى مشكلة تمويل المستوردات، فـ90% من المستوردات تخضع لإيداع قيمتها بشركات الصرافة وهذه العملية تأخذ فترة طويلة لتحويل المبلغ الى البلد الذي يتم الاستيراد منه، قد تتجاوز 3 أشهر ولا أحد من البائعين في الخارج يلتزم بسعر وكمية فقد يتغير سعر البضاعة بسبب تغير سعر الصرف، لهذا فالمستورد يضطر دائماً لدفع سعر البضاعة مرتين مرة للبنك المركزي ومرة للبائع في البلد الذي يستورد منه، أو ربما يضطر لدفع سعر البضاعة بزيادة عمولات 10% على أقل تقدير.
وأشار شحرور الى أن جميع زيوت السيارات في سورية مستوردة والشركات المحلية تقوم باستيرادها مواد خام ومن ثم مزجها وإضافة مواد بتروكيماوية إضافية، وهذه المواد زادت أسعارها بشكل مضاعف فمثلاً مادة هيدروكسيد الليثيوم ارتفع سعرها من 7 آلاف إلى 117 ألف دولار وهذه المادة أساسية في تصنيع الشحوم المعدنية.
%70 من الزيوت مغشوشة
وكشف شحرور أن أكثر من 70% من أنواع الزيوت المعروضة في الأسواق حالياً مغشوشة وتباع بأسعار منخفضة نوعاً ما وهذا ما يسبب للشركات المحترمة مشكلة خاصة مع عدم وجود رقابة، فأكثر المواطنين باتوا يهربون من الصناعة الوطنية ويلجؤون إلى البضاعة الأرخص بغض النظر عن جودتها أو تأثيرها على محرك السيارة، حيث إنه من الممكن أن يعطب وتكلفة أقل محرك حالياً بين 4 إلى 5 ملايين ليرة، مشيراً الى أنه تم رفع أكثر من كتاب إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن طريق غرفة الصناعة بأسماء الشركات والمعامل التي تقوم بإنتاج زيوت مغشوشة لأخذ عينات منها وضبطها لكن للأسف لم يكن هناك أي تجاوب منها، فأكثر توجه الوزارة ينصب حالياً على المواد الغذائية وفي حال قامت وأخذت دورها الرقابي على زيوت السيارات فيكون التوجه نحو الشركات الكبرى المعروفة بعدم الغش.
وأكد شحرور أن 80% من الشركات المنتجة خارج دمشق في حلب وحماة وحمص منتجات الزيوت فيها مغشوشة، مضيفاً: لقد قمنا بالتواصل معهم للتعاون وتحسين منتجاتهم لكنهم يصرون على الغش لتخفيض أسعارهم وجذب المواطنين لمنتجاتهم فهنالك أكثر من طريقة لغش زيت السيارات منها وضع زيت مكرر أو عدم وضع إضافات معينة يتطلبها الزيت.
وكشف شحرور أن سعر الزيوت المستوردة الجاهزة أرخص من المحلية والسبب أنها مغشوشة بالدرجة الأولى وثانياً أنها تخضع لأحكام التجارة العربية فهي معفاة من دفع نسبة 5% التي تدفعها الشركات المحلية للجمارك إضافة لإعفائها من الضرائب التي تصل إلى 12% وهذا ما يجعل من المستحيل القدرة على التنافس والتصدير فالأسواق الخارجية أرخص ناهيك بمشاكل الشحن والتمويل.
تحكم في الأسعار
الدكتور سامر أبو عمار المدير العام لشركة مصفاة دمشق البتروكيماويات أكد وجود تعطش لعالم الزيوت، ولكن في ظل غياب الرقابة أصبحت كل أنواع الزيوت مقبولة، فكل نوع من أنواع الزيوت يجب أن يكون له مواصفته، وحالياً سوق الزيوت في أسوأ حالاته وعلى الرغم من كل السوء لولا وجوده لما كانت هناك أي حركة للسير لكن البضاعة الرديئة تطرد البضاعة الجيدة في السوق .
وأشار أبو عمار إلى أن هناك نوعين من الشركات في سورية؛ شركات تقوم باستيراد زيوت الأساس ومزجها بإضافات خاصة، وهي لا تتعدى الـ 10 شركات، وأخرى تقوم بشراء الزيوت المحروقة الناتجة عن المحرك بعد استنفاد خواصها الفيزيائية وإعادة تدويرها وفق معالجة معينة وتحسينها عبر إضافات خاصة وخلطها بالماء أو مواد شمعية من أجل غشها حيث يتم بيعه بشكل حر بسبب غياب الأبحاث السوقية والرقابة التموينية وحاجة السوق المتعطشة للزيت ، إضافة الى اضطرار المواطن لوضع زيت في سيارته بغض النظر عن نوعيته.
وأكد أبو عمار أن نسبة الزيوت المحروقة في الأسواق قد انخفضت بسبب شبه انعدام حركة النقل ضمن المحافظات وغياب المشتقات النفطية وشح الموارد الاقتصادية للمواطن فليتر الزيت الجيد في السوق يتراوح سعره اليوم ما بين 40 و 45 ألف ليرة، إضافة إلى اعتماد أغلب المواطنين عليها كوسيلة للتدفئة والطاقة وليس كنوع من التكرير، هنا وجدت الشركات المعتمدة على الزيت المكرر نفسها وجهاً لوجه أمام الندرة في الزيت المكرر لذا حاولت الاستيراد من أجل مزج المواد فقط وليس التكرير، ولم تستطع بسبب صعوباته وتكلفة التمويل الغالية ما جعل المستوردين لزيوت الأساس قلة وهم الميسورون مالياً ويمولون مستورداتهم من الخارج، حيث قاموا بالتحكم بالسوق وبأسعار الزيوت فيه.
مراقبة مستمرة
معاون مدير تموين دمشق سامر شيحة أكد أن وزارة التموين بما فيها مديرياتها تقوم دائماً بمراقبة الأسواق بالتركيز على المواد الغذائية بالدرجة الأولى كما تقوم أيضاً بمراقبة جميع المواد المطروحة في الأسواق بما فيها زيوت السيارات وذلك عبر سحب عينات متعددة والتأكد من صلاحيتها وجودتها فقد تم سحب عينات من الزيت الأسبوع الماضي لمعرفة مدى مطابقته المواصفة القياسية و نحن بانتظار نتائج التحليل، ففي حال مخالفتها يحال منتجها إلى القضاء فوراً، إضافة لمراقبة السعر والتأكد من وجود فواتير، مشيراً إلى أن المخالفات في عينات الزيوت التي تقوم المديرية عادة بسحبها لا تتجاوز النصف من العينات المسحوبة.
وأشار شيحة الى أن أغلب الغش الذي يتم الكشف عنه من قبل مديريات التموين يتعلق بلزوجة الزيت وقلة كثافته.