الري الآسن
وليد الزعبي:
لا يمكن لأحد تجاهل أهمية سلة الخضار التي ننتجها محلياً كأحد أركان غذائنا الأساسية في الظروف الراهنة، كما أن الجميع مع تذليل مختلف الصعوبات التي تقف حائلاً أمام تنفيذ الخطط الإنتاجية الزراعية للإسهام ما أمكن بتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ومما لا شك فيه أن أهم عوامل إنجاح زراعة المحاصيل على تنوعها كماً ونوعاً يتمثل بمدى وفرة مياه الري، إلّا أن الواقع يؤشر إلى تراجع أداء شبكات الري الحكومية من السدود نتيجة ضعف التخزين لقلة الهاطل المطري في السنوات الأخيرة، وكذلك من مضخات الينابيع لجفاف بعضها وتدني غزارة بعضها الآخر والسبب يرجع أيضاً لقلة الأمطار وفي جانب آخر للمخالفات الكثيرة المرتكبة بحفر الآبار الزراعية وعدم القدرة ضمن الظروف التي سادت خلال سنوات الحرب على قمعها وردمها.
كذلك فإن عمليات الري من الآبار الزراعية أصبحت مكلفة جداً نتيجة غلاء ثمن مادة المازوت اللازمة لتشغيل مضخاتها الغاطسة، وعدم كفاية المخصصات بالسعر النظامي والاعتماد في إكمال تغطية بقية الاحتياج إلى تلك المادة من السوق السوداء التي تبيعها بأسعار قد تصل إلى أكثر من ضعفي سعرها النظامي حسب ضغط الطلب عليها.
وأمام هذا الواقع ظهرت مشكلة خطيرة جداً، تتمثل بتفاقم ظاهرة ري مختلف محاصيل الخضار وبمساحات واسعة من مياه الصرف الصحي الآسنة من ضعاف النفوس الذين لا يأبهون بالمنعكس الخطير لذلك على صحة البشر، حيث إن الكثيرين منهم باتوا يركبون مضخات متنقلة باستطاعات كبيرة على مصبات الصرف الصحي الخارجة من المدن والبلدات والمارّة ضمن الأراضي الزراعية، وكذلك على مسيلات الأودية التي تنتهي إلى الكثير منها شبكات الصرف الصحي، حتى إن هناك حالات كسر للشبكات المطمورة تحت الأرض بعد كشفها أو القيام بسدّ الريكارات المتوضعة على مساراتها بالحجارة والأتربة لحبس المياه الآسنة ودفعها لأن تطفو وتنساب ضمن أقنية تروي الحقول.
إن الأمراض التي قد يخلفها تناول الخضار المروية بالمياه الملوثة بشكل طارئ أو على المدى البعيد لا تحمد عقباها، والمأمول تعاون المجتمع المحلي وتكاتفه للمساهمة في محاصرة هذه الظاهرة الخطيرة على صحة أبنائه، توازياً مع ضرورة بذل جهود استثنائية من الجهات المعنية لقمع الظاهرة بأسرع ما يمكن واتخاذ أشدّ العقوبات بحق مرتكبيها حرصاً على الصحة العامة.