الأسماك تتحول إلى حلم للمواطن في بلد بحري

تعد سورية بلداً بحرياً بامتياز فهي تمتلك شاطئاً على البحر الأبيض المتوسط يربو على مئة كيلو متر، ولكن لا يزال صيد الأسماك وتربيتها محدودين إذا ما قيسا بحجم الدخل المتأتي منهما أو من نسبة مساهمتها في الدخل القومي.

بشكل عام يقسم القطاع الخاص بإنتاج السمك إلى: أسماك البحرية ومسامك عائدة للحكومة بالقرب من البحر وتربية الأسماك في السدود والبحيرات الصناعية.

بالنسبة للأسماك البحرية تراجع الإنتاج بشكل كبير لأسباب عديدة، أبرزها الصيد الجائر وأحياناً باستعمال وسائل صيد محرمة كالديناميت، وعدم مراعاة توقف الصيد في فترات تكاثر الأسماك، وصيد الأسماك الصغيرة في مرحلة النمو، إضافة إلى بدائية وسائل الصيد المستخدمة.

بالنسبة للمسامك قد يكون هذا الخيار منطقياً في فترة من الفترات، ولكن ما مبرر الاستمرار به في ظل التطور التقني الكبير وإمكانية إقامة مزارع بحرية بدلاً من قيام الجهات المشرفة بضخ مياه البحر مؤخراً إلى هذه المسامك؟

بالنسبة لتربية الأسماك في السدود والبحيرات الصناعية يبدو الوضع أفضل نظراً لغزارة الإنتاج وسهولة التصريف مباشرة، ولاسيما في المناطق الشرقية من دون تحمّل تكاليف نقل كبيرة.

إذا أردنا أن نقيّم بورصة أسعار السمك نجد أن سعر الكيلو الواحد يتراوح بين ٣٠ ألفاً ويتجاوز ١٠٠ ألف ليرة لبعض الأنواع، وهذا يعني قياساً بدخل الموظف السوري أن السمك وجبة محرمة عليه في ظل مستويات أسعار كهذه وهو الذي يسكن على شاطئ البحر مباشرة.

قبل سنوات كان السوق السوري يعتمد على أسماك المزارع البحرية التركية التي كانت تدخل إلى الأسواق السورية بأسعار منخفضة تتراوح بين 250 و350 ليرة للكيلو الواحد وبكميات وفيرة، ما يجعلها منافساً قوياً للأسماك السورية المرتفعة الثمن وكانت تحقق الإشباع للأسر السورية فكانت وجبة السمك أقل سعراً من وجبة الفروج أو اللحمة بالنسبة للعائلة السورية.

ولكن مع توقف توريد الأسماك التركية وتهريب الإنتاج المحلي إلى الأسواق اللبنانية للاستفادة من فروقات الأسعار الكبيرة نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار وصلنا إلى وضع غير مستقر للأسماك يتميز بانخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار بشكل كبير، ما يحرم السواد الأعظم من السوريين من وجبة ذات قيمة غذائية عالية وهنا السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: هل يبقى الوضع كما هو عليه من دون حلول؟

برأينا الحلول بسيطة وليست معقدة، تحتاج قرارات جريئة تتمثل في إقامة مزارع محمية بحرية مشابهة للمزارع التركية بإشراف مختصين في تربية الأسماك تنتج الأسماك البحرية بكميات وفيرة بشكل يغطي احتياجات السوق المحلية، وهذا الأمر ليس بمستحيل فكل عناصره متوافرة، فالمؤسسة موجودة والباحثون موجودون والمناطق الجغرافية متوافرة والتمويل ليس بكبير.. وإن نجحنا بهذه الخطوة نكون ضمنّا تخفيض أسعار السمك البحري بأكثر من 80 بالمئة خلال عام تقريباً.

من جهة أخرى يجب مكافحة ظاهرة التهريب إلى الأسواق اللبنانية وفي حال وجود فائض بعد تطبيق التجربة تصديره بشكل قانوني عبر إشراف الحكومة لنستفيد من القطع الأجنبي المتوافر.

أيضاً يجب مكافحة الصيد الجائر ووضع برنامج للصيد يسمح بتحديد الأنواع المسموح صيدها في كل موسم، ويتم ذلك عبر التحكم بحجم الشباك من جهة ومن جهة ثانية مراقبة الأسماك التي يتم صيدها في الموانئ من مختصين للتحقق من الالتزام بروزنامة الصيد، بحيث نصل في النهاية إلى تحقيق هدف منشود متمثل برفع الإنتاج وتخفيض السعر، ما يتيح للمواطن السوري الحصول على وجبة الأسماك بأسعار مناسبة ويزيد مساهمة هذا القطاع في الدخل القومي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار