الصين في مواجهة العدائية الأمريكية 

ميشيل كلاغاصي

تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها ، للحفاظ على مواقعهم وتوسيعها على حساب مصالح الدول الأخرى ، دون الإكتراث بما يتسبب ذلك من حروب وأزمات وتداعيات على مساحة العالم , فالشرق الأوسط ، عانى ولا زال يعاني من الأزمات والحروب التي تقودها الولايات المتحدة بتدخلٍ مباشر من قواتها العسكرية في العراق وسورية , أو بشكل غير مباشر عبر قواعدها العسكرية المنتشرة في المنطقة العربية أيضاً , كذلك أشعلت القارة الأوروبية من خلال الحرب في أوكرانيا , واليوم تفعل الشيء ذاته في منطقة شرق اَسيا , وتستهدف الصين باعتبارها المنافس الأول لها .

لا يمكن تفادي تقسيم المنطقة , مع احتدام المواجهة بين الصين والولايات المتحدة ، فقد تم وضع دول المنطقة ما بين خيارين , وفي الوقت الذي استعد فيه حلفاء واشنطن منهم كاليابان وكورويا الجنوبية , بإيحاءٍ أمريكي , وبشكل مسبق على تحضير وبناء قواتهم العسكرية , من خلال ترويج الماكينات الإعلامية الأمريكية والغربية , لما يسمى “غزو” الصين لتايوان , ناهيك عن الشرخ الإضافي ما بين اليابان وروسيا الحليفة الإستراتيجية للصين , وعليه ركزت الولايات المتحدة جهودها عبر زيارة الرئيس جو بايدن إلى المنطقة , على طمأنة حلفائها بـ “قدرة الولايات المتحدة على التعامل مع تهديدين في وقت واحد” , بما يعني العمليات العسكرية الروسية الروسية الخاصة على الأراضي الأوكرانية والدعم الصيني لها ، بالإضافة إلى التهديد الصيني المفترض والمدعوم روسياً , للدول الاّسيوية.

ومن خلال جولته , سعى الرئيس بايدن إلى طمأنة حلفائه الاّسيويين من خلال زيارته للمنطقة , على الرغم من انشغال واشنطن بالمسألة الأوكرانية ، وبتغطيةٍ إعلامية من صحيفة الـ “واشنطن بوست” التي تحدثت أن محور مباحثات الزيارة ستكون حول استعداد واشنطن “لقيادة تحالفات ضد القوى العظمى العدوانية”.

وكما كان متوقعاً ، استقبلت بكين رحلة بايدن دون أي حماس , ووجهت وزارة خارجيتها تحذيراً لجيرانها في كوريا الجنوبية واليابان من المشاركة في أي مشاريع جريئة غير ضرورية تقوم بها الولايات المتحدة في المنطقة , وفي هذا السياق أجرى وزير الخارجية الصيني وانغ يي حواراً مباشراً مع نظيريه الكوري الجنوبي والياباني , ولم تخفِ وسائل الإعلام الأمريكية “الشماتة الصينية” نتيجة فشل جولة بايدن , وأكدت صحيفة بوليتيكو الأمريكية أن “بكين دولة مرعبة”.

يذكر أنه في 19/أيار 2022 ، مع بدء رحلة بايدن الآسيوية , ووصوله إلى كوريا الجنوبية ، حيث التقى بالرئيس الجديد للبلاد “يون سوك يول” , وكان اللقاء عاماً ملتزماً بالأجندة مسبقة التحضير , تصدر فيها الحديث عن المفاوضات بين البلدين , وسبل تعزيز التعاون العسكري بينهما , وسط تأكيد الرئيس الأمريكي بأن الولايات المتحدة مستعدة لضمان أمن كوريا الجنوبية ، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية.

ومن بعد كوريا الجنوبية قصد اليابان , والتقى الزعيم الياباني فوميو كيشيدا ، ورئيسي كلٍ من الهند واستراليا في طوكيو ، وعقد القادة الأربعة قمة رباعية أخرى , تحت عنوان حوار أمني رباعي , بما يتسق مع الهدف الرئيسي المعلن للمجموعة الرباعية , مواجهة الطموحات الصينية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

بغض النظر عن التعاون العسكري ، فقد ناقش الرئيس بايدن أثناء وجوده في طوكيو , التعاون الاقتصادي مع نظيريه الكوري الجنوبي والياباني ، وما دعي بالمبادرة الأمريكية الاقتصادية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ , وأعلن انطلاقها رسمياً , بهدف تقوية وتوسيع العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وحلفائها في أستراليا وبروناي وفيتنام والهند وإندونيسيا وماليزيا ونيوزيلندا وسنغافورة وتايلاند والفلبين وكوريا الجنوبية واليابان , ولا يعدو حشد كل هذه الدول إلاّ تحت عنوان عدائها للصين , أو لخلافاتها معها.

وتجدر الإشارة إلى أن فكرة “منطقة المحيطين الهندي والهادئ” ، روج لها وسائل الإعلام الغربية بنشاط خلال العقد الماضي ، عندما قررت واشنطن تصعيد المنافسة والتحدي بين واشنطن وبكين , والوصول إلى أبعد من ذلك , بهدف إما الصدام المباشر أو التفاوض الكبير , بما يضمن مصالح واشنطن ونفوذها في تلك المنطقة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار