سوق العمل: معروض كبير وبطالة مقنّعة

لمى سليمان

هل هناك من ثقب أسود يمتص الخبرات في سورية؟
تساءل مدير عام الهيئة السورية للبحث العلمي د. مجد الجمالي، موضحاً أنه حتى عام ٢٠١٥ ووفق منحنى بياني سنوي متناقص بقي في سورية ٩١ باحثاً علمياً فقط مقابل ٢٩٧٣ باحثاً في الإمارات العربية المتحدة، رغم اعتراض بعض الهيئات البحثية على إعطاء أي رقم تقديري لعدد الباحثين المتبقي والمستمر في متابعة أبحاثه في سورية.
ومع ذلك لا يوجد حراك حكومي لتوطين الباحثين، أو لإيقاف استنزاف الباحثين السوريين من بقية الدول التي تقدم التمويل والدعم المطلوب لاستكمال المشاريع البحثية التي تعد استثمارات للبلد في حد ذاتها، وبغياب هذا التمويل من البلد الأم فلا يبقى أمام الباحث سوى السفر لتمويل مشروعه.

سوق مشوه
في حين أكد مدير المرصد العمالي للدراسات والبحوث د. جمعة حجازي أن هناك طلباً كبيراً على الموارد البشرية في سورية، وهناك معروض كبير للعمل ولكن كلمة النقص تشمل بعض القطاعات مثل قطاع السياحة ولبعض الأعمال المحددة مثل الحرفيين والتقنيين والمهنيين كخبراء المخابر والأشعة والمطلوبين بكثرة للعمل. بالمقابل هناك نسبة بطالة مقنّعة تتجاوز ٣٠% تقابلها قطاعات تنوء بثقل الموارد البشرية الموجودة وبعضها غير ذي جدوى.
أما عن سوق العمل فهو سوق مشوه لأن ٧٠% من قوة العمل غير منظمة ولا تخضع لهيكلية ثابتة، والقطاعات الإنتاجية الاقتصادية في سورية كالقطاعين الزراعي والصناعي هي في تراجع أداء مستمر يقابله تركز أعمال في القطاع الخدمي والإداري كالصحة والتعليم.

نظرة تقليدية
وبالنسبة للقطاع الخاص أوضح حجازي أن القطاع الخاص مازال يمتلك ذات النظرة التقليدية لقوة العمل المطلوبة، والنظرة غير الفعالة إلى المهارات ذات التحصيل العلمي العالي، وينحى باتجاه المهارات الأدنى ذات الأجور المنخفضة.
أما عن هجرة الكوادر البشرية المدربة فقد بيّن حجازي أنه ليس هناك من بيانات محددة توضح الأعداد والنسب، ولكن النسبة الأكبر من المهاجرين هي من خريجي الجامعات أو ممن استكملوا دراساتهم العليا هرباً من البطالة أو من خدمة العلم وبحثاً عن فرص عمل أفضل خاصة مع تدني نسبة الأجور والرواتب.
وما بين هجرة نظامية أو غير نظامية تبقى الاستبيانات غير مؤكدة وحتى الأرقام غير دقيقة وبعضها غير واقعي ومبالغ فيه كثيراً، فقبل الحرب على سورية كان هناك ما يقارب ٢٠٠ ألف مهاجر باختصاصات متعددة، أما خلال الأزمة فالأعداد لم تعد مؤكدة والاستبيانات غير موثقة، وبناء على ذلك كان لا بدَّ من اعتماد استراتيجية واضحة لجمع معلومات كافية عن كامل الخريجين والمؤهلين المدربين من كل الاختصاصات، وتوصيف للمهن في سوق العمل وتحليل شامل لسوق العمل للتأكد من أن كل المدخلات اللازمة من النظم التعليمية والتدريبية محققة أم لا في محاولة لربط مخرجات التعليم بسوق العمل.

ليست محفزاً
وكانت وزيرة التنمية الإدارية قد أكدت أن النسبة الأقل من المتقدمين إلى المسابقة المركزية هم من خريجي الجامعات، وعزا الدكتور حجازي السبب إلى كون وظائف القطاع العام لم تعد محفزة أبداً، ولابدّ من اعتماد نظام تشغيل واضح بمعايير عالية مع محاولة تحسين الرواتب والأجور وربطها بمستويات المعيشة والعمل على الارتقاء ببيئة العمل لتكون فعالة ونشطة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار