900 ألف عامل في القطاع العام ثلثهم في التربية مليونا ليرة تكلفة فرصة العمل.. والنساء يتسيدن القائمة

رشا عيسى:

تبدو المسافة طويلة بين المطالب بإستراتيجية واضحة لسوق العمل محلياً والقدرة على تحقيقها على أرض الواقع، وسط اختلالات كبيرة في سوق العمل وتوافد كوادر من أصحاب الشهادات خارج سياق المطلوب وظيفياً، وغياب قاعدة بيانات حقيقية للمتسربين من القطاع العام الذي يعاني خللاً في تمركز العاملين ممن يبلغ عددهم ما يقارب 900 ألف عامل يتموضع أكثر من ثلثهم في قطاع التربية.

لا قائمة لأعداد المتسربين
وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة سلام سفاف قالت في حديث خاص لـ«تشرين»: إن الإحصاءات لعدد العاملين في القطاع العام موجودة وتشير الأرقام إلى أنهم يبلغون 900 ألف عامل في القطاع المدني، وهذه الأرقام لا تشمل القطاع العسكري والشرطة.
وأضافت سفاف: يتمركز ما يقارب 500 ألف عامل من العدد الكلي للعاملين في قطاع التربية وحدها، نافية وجود بيانات دقيقة لأعداد المتسربين.
وبيّنت أن معرفة الأرقام بدقة تحتاج تعاوناً من الجهات العامة كافة.
وبيّنت سفاف أنه عندما أجريت مسابقة تعيين المسرّحين تم التأكيد على إرسال البطاقات الذاتية للمعينين الجدد، كما أن الوزارة تعمل للحصول قدر المستطاع على البيانات عند انقطاع أي عامل عن وظيفته.

سوء توزيع ونقص العمالة!
أكدت سفاف أن القطاع العام الوظيفي يعاني سوء توزيع العمالة وليس من النقص كما يشاع.
وقالت سفاف: هناك سوء توزيع مترافق مع سوء استثمار للعمالة.
ووصفت هذا الأمر بالإشكالية الكبيرة، وبأنهما يرتبطان مباشرة مع سبب آخر وهو ضعف التدريب وغيابه خلال سنوات الحرب الإر*ها*بية على بلدنا، ما أدى إلى انخفاض المهارات.

ازدواجية في العطاء
وتحدثت سفاف عن مشكلة الازدواجية في العطاء الوظيفي والذي مرده إلى ثقافة عامة تجعل من الشباب الداخلين إلى الوظيفة العامة، لا يبذلون جهداً مناسباً مقارنة مع الجهد نفسه الذي يمكن أن يبذلوه في القطاع والشركات الخاصة.
حيث يكون الجهد في الخاص مضاعفاً.
وأشارت إلى أن القوانين الجديدة تحاول ضبط هذه الحالة، وذلك من خلال عملية التنظيم وتحفيزهم على إثبات ذاتهم ونجاحهم.
وأوضحت سفاف أنه في المرحلة القادمة سيتم العمل على قانون الخدمة العامة وأن البيئة أصبحت مواتية تماماً لهذا النقاش.
وقالت إن المسودة الأولى لهذا القانون في أروقة وزارة التنمية الإدارية منذ عامين لكن وبسبب بعض الأولويات الأخرى سيتم طرحه هذا العام.

ضوابط جديدة
وقدمت شرحاً موجزاً عن القانون الجديد قائلة: سيؤمن ضوابط جديدة للعمل في القطاع العام من حقوق وواجبات، وسط دعم للحقوق بصيغة أكبر سواء من ناحية التوازن الجندري بين النساء والرجال، أو من حيث الواجبات لينهض القطاع العام.
وقالت سفاف: لن تدور عجلة إعادة الإعمار من دون موارد بشرية، تعرف مالها وماعليها، وتوجد في المكان المناسب الذي يتيح لها التطوير والعمل بمسؤوليتين: الأولى على القطاع العام، والثانية مسؤولية على الشخص الذي يدخل القطاع العام ومن هنا تنطلق أهمية وجود المدونة الوظيفية..

الغلبة للنساء.. ونقص بالفئتين الرابعة والخامسة
وفي تشخيصه لواقع العمالة في القطاع العام بيّن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين لـ«تشرين»: أن العنصر النسائي يشكل النسبة الأكبر من أعداد العاملين في القطاع العام..

قطاع التربية أولاً
وأضاف: إن نقص العمالة في القطاع العام يتركز في الفئتين الرابعة والخامسة والموجودين في الشركات الإنتاجية.
أما الفئات الأولى والثانية فيتمركزان في القطاع الإداري، مؤكداً أن قطاع التربية يترأس القائمة بأعداد العاملين فيه يليه القطاع الصحي.
موضحاً أن أبرز الاختلالات التي تواجه سوق العمل هي: الاختلال الجندري والقطاعي والاختلال في التكوين المعرفي والعلمي.
القطاع السياحي أكبر الخاسرين
كما تأثرت كل القطاعات بالحرب، كان للقطاع السياحي خسائر إضافية بسبب خصوصية هذا المجال وتأثره الكبير بالأحداث الأمنية في كل بلد، وكانت آثار الحرب على سورية كبيرة في المجال السياحي كبيرة، وخسر الكثير من عمالته.
معاون وزير السياحة لشؤون المشاريع والتخطيط والاستثمار السياحي المهندس غياث الفراح بيّن لـ«تشرين» أن القطاع السياحي خسر كثيراً من عمالته خلال سنوات الحرب الإر*ها*بية على بلدنا بعد تعرضه لخسائر كبيرة.

يوفر فرصاً كثيرة
وقال الفراح: إن كل فرصة عمل مباشرة في القطاع السياحي تقابلها ثلاث فرص غير مباشرة من خلال المهن والحرف التي تؤدي إلى استمرارية العمل السياحي، مضيفاً: إن القطاع السياحي يوفر الكثير من فرص العمل المولدة للدخل بين الشباب، مشيراً إلى أن إجمالي مساهمة وزارة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بلغ في عام 2010 نحو 11%، حيث دخل إلى سورية نحو 8.5 ملايين قادم بينهم 4 ملايين سائح، آملاً أن يستعيد هذا القطاع عافيته بعد سنوات الحرب ليكون له دور في دعم الاقتصاد الوطني.

تقلص فرص العمل
وفي السياق ذاته بيّن معاون وزير المالية منهل هناوي لـ«تشرين» أن تكلفة فرصة العمل تصل تقريباً إلى مليوني ليرة، وأن اقتصادنا اليوم هو اقتصاد تكاليف، والحديث ليس عن الضرائب والرسوم فقط، بل أيضاً عن النفقات إلى جانب نفقات المازوت والكهرباء.
وقال هناوي: إن فرص العمل تقلصت في القطاع الاقتصادي، وإن أهداف السياسة المالية تتمثل في زيادة الناتج القومي، ورفع مستوى الدخول للأفراد، وبالتالي رفع مستوى معيشتهم وتحقيق التوظيف لكامل الكوادر واستقرار الأسعار وتحسين توزيع الدخل بين الأفراد والمجتمع.
وبيّن هناوي أنه من المجحف أن نقارن بلدنا اقتصادياً بأي دولة أخرى، لأن ما مرّ على بلدنا من إر*ه*اب وتدمير ممنهج لم تعانِ منه أي دولة، متحدثاً عن أنه لا يمكن للحكومة بين ليلة وضحاها تقليص الفجوة بين الرواتب والأجور.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار