صباح جزائري.. حين يطلّ الصباح مرتين!
حنان علي
أول السبعينيات أطلت المرشدة الاجتماعية في ريعان شبابها بشعرها القصير وخفرها الآخاذ بين مساجين “ملح وسكر”، لتعلق الجمهور بمحبتها في كوميديا “صح النوم”، ثم تتوارى عنه لسنوات حتى أبى المخرج خلدون المالح إلّا أن يعيدها لربوع التألق بين نجوم الصف الأول لتمسي من أشهر الشخصيّات الفنية في الوطن العربي.
” سوف نبقى هنا، سوف نحيا هنا”، إنها الأصيلة صباح جزائري صاحبة الحضور الجذاب والإطلالة الأنيقة، الزوجة الصبور والأم الحنون و سيدة الحارة الدمشقية.
قدمت صباح الجزائري أكثر من ثمانين عملاً ارتقت بمسيرتها الفنية ، بدأتها إلى جانب دريد لحام ونهاد قلعي وناجي جبر بأشهر المسلسلات الكوميدية العربية، ثمّ سارت مترعة بالسحر بين “الدروب الضيقة” لتظهر بعدها إلى جانب أسعد فضة ورشيد عساف في “قلوب دافئة”، أما مشاركتها في منتصف التسعينيات بشخصية نرجس في المسلسل التاريخي “العبابيد” فكان من أهم الأدوار التي أدتها ، تلاها دور سمية زوجة عباد في “الموت القادم من الشرق”، و أم هاشم في “الخوالي”. في بداية القرن الحادي والعشرين أشرقت بمسلسل “حنين” و”حمام القيشاني” و”عائد إلى حيفا” في العام 2004 المأخوذ من روايةٍ للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني. وفي العام ذاته لعبت دور العمة الحنون مع الممثلة أمل عرفة في “عشتار”. لتغدو في العام اللاحق أم الشاعر في مسلسل ” نزار قباني” ، لتختار دوراً مختلفاً في مسلسل “وحوش وسبايا” حيث ظهرت بشخصية شادية صاحبة الملهى الليلي السيئة الخائنة لوطنها. “سكر وسط” و”بانتظار الياسمين” . تلاه ” ورد أسود “، و” حارس القدس” و” للموت” أما آخر أعمالها فكانت: “مع وقف التنفيذ”، “على قيد الحب”، “حارة القبة ٢” و “الكندوش ٢” . ولا يخفى على أحد الأثر الذي تركته السيدة الشامية عبر مسلسلات البيئة الشامية من ” أهل الراية” و” زمن البرغوت” و” طاحون الشر” و”عطر الشام” .
رغم قلة المشاركات المسرحية، لكن صباح جزائري علقت بشدة بأذهان متابعي المسرحيتين اللتين ألفهما الكاتب محمد الماغوط؛ الاجتماعية السياسية ” غربة”، والكوميدية ” كاسك يا وطن”. كما أن جزائري لم تعتكف عن الالتحاق بالأعمال السينمائية بأفلام رائعة من أهمها: “الحومة وسوسطارة، وصحاب البارود، والليل، وغابة الذئاب، والاتجاه المعاكس، وذكرى ليلة حب و غيرها.
سعاد خانم
منذ أول أجزاء مسلسل ” باب الحارة” اشتهرت سعاد خانم أم عصام، السيدة القوية بين نساء الحارة، الزوجة الندّ والأم الرؤوم في أرجاء الوطن العربي حتى بات اسمها والمواقف التي خاضتها محور التعليقات والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، لدرجة لم يتمكن بعض المشاهدين من شدة تأثرهم من التفريق بين واقعها و التمثيل. أبرزهم كانت مذيعة في قناة جزائرية حين استقبلت الفنان السوري عباس النوري في مطار هواري بومدين و زوجته مرحبة بالزوجة باسم سعاد خانم، لترد عليها ببسمة لكن أنا عنود! .
أما مشهد تطليق أبو عصام لأم عصام فأتى بأكثر المتابعات حتى بات البحث عن معنى كلمة (فشرت) في مقدمة محركات البحث محاولين الاستفهام عن الخطورة التي حملتها الكلمة! .. في تعليق لعراقي على صفحته عن المشهد قال : ” أبو عصام يرمي يمين الطلاق على سعاد خانم في مسلسل باب الحارة؛ أنا حزين فدلال تبكي، وبوران حائرة، وجميلة مش دريانة شتساوي، والعكيد أبو شهاب خارج الحارة، بينما الانتخابات العراقية تقترب من لحظة الحسم!”.
أما الجملة الفكاهية : (في مثل هذا اليوم، قالت أم عصام لـ” أبو عصام”: فشرت).. فهي عبارة مألوفة متتالية سنة بعد سنة للتذكير بالحدث الجلل! حتى بعض الأمنيات ارتبطت بالشخصية الجميلة على لسان آخرين: “أحتاج فَرحة كَفرحة أم عصام برجعة أبو عصام” . في حين أُخذ موضوع الطلاق لدى البعض على نحو أكثر جدية ليمسي جدلاً اجتماعياً :” في مسلسل باب الحارة تقول أم عصام لزوجها فشرت فيطلقها وتقوم قيامة الرجل العربي، علماً بأنه البادئ بالإهانة”.
الأنيقة المبدعة سندريلا الشاشة السورية، الأخت الصغرى لسيدة الكوميديا سامية الجزائري، وأم الفنانتين رشا و ترف التقي، لم تسلب لبّ المشاهدين فحسب بل حظيت بالكثير من الجوائز والتكريمات المحلية والعربية والعالمية في سورية و الأردن و لبنان و الكويت والإمارات والجزائر.