في ملتقى اتحاد الكتاب الشهري صحافة الأطفال آراء وانطباعات
بارعة جمعة
يتعلق الطفل بالشخصية التي يستطيع رسمها، وكلما تعقدت تصبح أصعب عليه، كما يحتاج للتبسيط والاختزال وللكثير من التفاصيل التي تحيط به، من هنا انطلق اتحاد الكتاب العرب- فرع دمشق في ملتقاه الشهري لمناقشة أهمية صحافة الطفل.
مفاهيم خاطئة
أبرز ما يواجه هذا النوع الصحفي عدم الاكتراث وسوء فهم معنى الطفولة المبكِّرة، التي غالباً ما تقودنا لتعليم أطفالنا فهم الحروف وترتيب الكلمات، والتوجُّه للطفل بصفته شخصاً واعياً، وذلك بإجباره على فهم تفاصيل معقَّدة تعد أبعد بكثير عنه، حسب توصيف الكاتب رامز حاج حسين، في حين يلجأ الغرب للاعتماد على الصور و قوَّة البصر، بما تحمله من مدلولات للألوان، في الوقت الذي بإمكاننا نحن من الاستعانة بمفردات تحيط بنا وترجمتها بأسلوب يناسب الطفل، وذلك بالاعتماد على التواصل المباشر مع الفنان ضمن ورش عمل تبين ميول واهتمام الأطفال.. وفي النظر إلى ما قُدِّم سابقاً من مبدعين أمثال سليمان العيسى وممتاز البحرة، ممن عُرفوا ببساطة مفرداتهم ورسومهم، التي بقيت راسخةً في أذهان الأجيال برأي حسين.
المؤسف اليوم هو تغييب العديد من الكتاب، ممن أثروا في المجلات أمثال طه الخالدي أحد مؤسسي مجلة “أسامة” واللغة البصرية للأطفال في سورية، ما يفرض على الجميع توطين فن الرسم للأطفال والكتاب الأوائل، وفسح المجال للمواهب ومد جسور التواصل بين (أسامة) التأسيسية والحالية، كما أنه من الواجب ضم المجلة للتلفاز، واستخدام أبطالها كرسوم متحركة، وجعل الأقنية مفتوحة وبمتناول الجميع.. ولعل أكثر ما تحتاجه صحافة الأطفال اليوم والتي تمثلها مجلة “شام الطفولة” المخصصة لإبداعات كتَّاب الاتحاد برأي الكاتب حسين، هو استقطاب أكبر عدد من الكتَّاب، والتركيز على عنصر الدهشة والأسلوب، الذي من الطبيعي أن ينطلق من لغة ومفردات الطفل، دون اللجوء للأسلوب التقليدي، لأنه ليس بإمكاننا تأطير خيال الطفل.. كما لتناول مواضيع التطور الكبير في تكنولوجيا المعلومات في مجلة “المهندس الرقمي الصغير”، دورها في تدريب الطفل على البرمجة، وإرواء ذائقته الأدبية بمحتوى فكري خاص به.
مشاركات متنوعة
للحضور ضمن ملتقى اتحاد الكتاب رونق خاص، جمع فئات عمرية مختلفة، لكل منها نظرته وإحساسه فيما قدم، فتماهت الأحداث وتشابكت منتجةً قصة قصيرة للأديب محمد الحفري تحت عنوان “البقرة حموش”، وقصة أخرى للطفلة بتول عيسى بعنوان “صديقتي والشابكة”، كما قدمت الشاعرة ثراء الرومي قصيدة “أنشودة فنان”، وقصة علمية موجهة للطفولة المتوسطة للمترجمة والكاتبة آلاء أبو زرار بعنوان ” قطنية تريد أن تسبح”.
في حين بقي لآخرين دورهم في سرد ذكرياتهم مع أسرهم أيام الزمن الجميل، كما هو حال “منال اللحام” التي روت للجمهور الأثر العميق الذي تركه المحتوى الهادف المقدم ضمن برامج الأطفال، ومحاولات إخوتها استذكار تلك الأحداث الجميلة رغم مضي الكثير من السنوات على رؤيتها، شارحةً الفرق الشاسع فيما قُدم لكل من الجيلين.. ولقدرة التأثير المترافقة مع برامج الأطفال في عقلية وبناء شخصية الطفل دورها الأكبر في تحمل مسؤولية ما يتم تقديمه لهم برأي اللحام، ولاسيما أننا نجد أغلبية الأطفال يرددون كلمات وألحان دون فهم معانيها، والتي باتت ضمن منتج ضخم لا يقل عما سبقه، ليبقى لمحاولات تحديث مناهج التعليم وإرفاقها بصور جديدة غير موفقة في كثير من الأحيان نظراً لعشوائيتها، وبُعد الأطفال كلياً عن القراءة.. وإذا ما أردت أن تجذب الطفل لميدان التعبير عن ذاته وطموحاته، وكانت إبداعاته محط اهتمام ورعاية لن تجد صحافة يومية، والتي تم إلغاؤها لأسباب مختلفة حسب رواية الصحفية فاتن دعبول، التي تعد حقاً للطفل، لغناها بكل ما ينمّي مهاراته، إلى جانب الكبار، لشعورهم بكينونتهم وحثهم على متابعة آخر المستجدات، وما نفتقره في الوقت ذاته برأي دعبول هو صحافة استقصائية، تقيّم إصدارات الطفولة.. وانطلاقاً من أهمية صحافة الأطفال، طالبت دعبول جميع الأطفال بكتابة كل ما يدور بداخلهم بما يحبونه وما لا يحبونه، والتعبير عن أحلامهم ومشاكلهم ومشاعرهم، والتي ستلقى اهتماماً ورعاية بها، والتي من المفترض أن تكون مشروعاً وطنياً لمواجهة المتغيرات بقوة وحرفية. وإذا ما أردنا الحديث عن صحافة الطفل سنجد أن العنوان متداخل وعميق جداً برأي الصحفية نجوى صليبة، فما نملكه هو مجلات شهرية متخصصة بأدب الطفل وليس صحافة طفل، لخلو وسائل الإعلام كافة من محتوى موجه للطفل بعينه، واختصارها على أخبار صغيرة لصدور أعداد أو مجلات جديدة فقط، فالمطلوب منا برأي صليبة الذهاب إلى الطفل لا أن نطلب منه أن يأتي إلينا.