أصبح الأمر مؤكداً.. فهذا العام الثاني الذي نعيش فيه وسط مناخ تتداخل فصوله بين بعضها، فلم يعد الصيف صيفاً متفرداً، بل تتداخل معه أيام من الشتاء كحالنا في هذا الأسبوع.
ولم يعد الشتاء شتاء “حاف” بل تداخلت معه أيام من الصيف.
درجات الحرارة تسجل أرقاماً غير مسبوقة في المناطق الشرقية من سورية، والدول المجاورة (كالعراق والكويت) حيث قاربت الخمسين درجة مئوية.. ياللهول!
كلام الخبراء عن البيئة يوحي بحجم الغضب والأذى الذي تتعرض له الطبيعة.
وإذا كانت الصناعة أحد أهم الأسباب العالمية لهذا الأذى، فإن دور الحروب لا يقل خطورة على المستوى المحلي أو الإقليمي.
في سنوات الحرب خسرت سورية الكثير من الغابات والغطاء النباتي، وانتشرت طرق جديدة في التعامل مع النفط أضرت كثيراً بالبيئة، واستبدل الإنتاج المحلي للمحروقات بأنواع أخرى ليست بالمواصفات والجودة ذاتها، وكل هذا كان من بين العوامل المؤذية للبيئة أيضاً، لتكون النتيجة أن هذا التداخل بين الفصول ينذر بتغيرات مناخية، ليست هي المشكلة بحد ذاتها، بل المشكلة الأهم بما يصاحبها من آثار وتغيرات.
ورغم أن سورية من أقل دول الإقليم تأثراً ، خاصة في المناطق الساحلية منها، إلا أنها ليست بمنأى عن آثار هذا التقلب المناخي، إذ إن الآثار التي يتحدث عنها الخبراء تنذر بالوصول إلى حد العطش!
وهنالك آثار على الزراعة، وهذا مؤشر غير مريح أيضاً لبلد زراعي كبلدنا، وهنالك قلق من نقص في المواد الغذائية بسبب قلة الأمطار وخروج الكثير من الأراضي الزراعية عن الاستثمار!
الطقس الشتوي في أيام الصيف ينذر بالحاجة إلى طريقة عمل مختلفة مع كل نقطة ماء، ولكن هذا لا يحصل.. وما زالت نسبة الهدر الكبيرة في المياه على حالها رغم كل إنذارات الخطر للواقع المائي في المرحلة المقبلة.
وما زال الاستهتار هو الصفة الغالبة للتعامل مع المتوفر من المياه سواء منها الجوفية أو ما فوق سطح الأرض.
قد يكون المطلوب لعلاج أي من المشكلات “الأزلية” التي تتفاقم آثارها الاستراتيجية غير متوفر، لكن المؤكد أن فاتورة الإصلاح السريعة أقل بكثير من تبعاتها القادمة، وكل هذا يحتاج إلى خطط عمل من خارج الصندوق.