هل سيطفئ نفط السعودية نار الأمريكيين؟
شوكت ابوفخر:
مع اقتراب موعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الى السعودية منتصف تموز ،يكثر الحديث والتحليل وتطرح الأسئلة، حول الزيارة في الدلالات والأهداف ولاسيما في الظرف الدولي الراهن والتي ألقت بظلالها السوداء على الاقتصاد الأمريكي الذي يمر بأسوأ حالاته منذ عشرين عاماً.
أصوات أمريكية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أكدت أن الرئيس الأمريكي يسعى خلال زيارته الأولى للمنطقة منذ توليه الرئاسة مطلع عام 2021، لتحقيق مصالح آنية واستراتيجية لواشنطن
خاصة على ضوء الأوضاع السياسية التي يمر بها العالم والتي ألقت بظلالها السوداء على الاقتصاد الأمريكي الذي يمر بأسوأ حالته منذ عشرين عاماً، ما يعيد إلى الذاكرة أزمة الرهن العقاري .
إن المواقف المتضاربة لإدارة بايدن تجاه السعودية ، تؤكد أن النهج السياسي الأميركي الودي نوعاً ما إزاء مايسمى محور الاعتدال وخاصة السعودية أقرب إلى الاستغلال .
إضافة إلى ذلك، تصاريح بايدن عن السعودية في حملته الانتخابية وحتى في بداية توليه للرئاسة لا يجب أن تمر مرور الكرام، فهذه النوعية من التصاريح تعد فريدة من نوعها فلم يصرح بها أي رئيس أميركي أو مرشح انتخابي من قبل منذ عام 1943 وحتى بعد الحظر السعودي على مبيعات النفط للولايات المتحدة في عام ١٩٧٣.
كما ذكر بايدن في حملته الانتخابية أن الولايات المتحدة يجب أن تجعل السعودية “تدفع ثمناً” لقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول وستعامل كدولة منبوذة إذا فاز بالرئاسة، وبالفعل حتى بعد توليه منصبه، استمر بهذه اللهجة متخذاً موقفاً صارماً بسبب سجل حقوق الإنسان في المملكة، لكن الحرب الروسية الأوكرانية غيرت حسابات إدارة بايدن ودفعتها على مراجعة سياستها في المنطقة وخاصة تجاه المملكة خدمة لمصالحها، ومن هنا علينا التساؤل: هل زيارة بايدن إلى السعودية: اضطرار أم اقتناع؟.
لو كانت زيارة بايدن قبل الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط، لكان الانطباع أكثر إيجابية، لكن لكونها ستكون بعد كل هذه الأحداث، فإن ذلك لا يعطي الانطباع أن النهج السياسي لإدارة بايدن قد تغير عن اقتناع تجاه السعودية وأمن المنطقة، بل هو أقرب للاضطرار أو كما يقال: “مُكرَه أخاك لا بطل”. ففي هذه الزيارة، يجد الرئيس الأميركي أنه أمام كفتين: النفط وحقوق الإنسان. فالظروف اضطرته أن يعيد حساباته بسبب ارتفاع أسعار النفط والتي جعلته يأخذ خيبة أمل دول الخليج من موقف إدارته ، وتحديدا التي يريدها أن تقوم بتأمين إمدادات بديلة للنفط والغاز الروسي والحفاظ على أسعار النفط.
إن الشرخ الذي قامت به إدارة بايدن في انتقاد السعودية سيأخذ الكثير من الوقت لإصلاحه، لذلك لو كانت هذه الزيارة عبارة عن إملاء الشروط للتحالف ضد روسيا من خلال حرب نفطية مفروضة فلن تنجح الزيارة، لأن أميركا بسبب السياسة الخارجية المتأرجحة وغياب الاتفاق بين الحزبين في الولايات المتحدة الأميركية.
حتى تثبت زيارة بايدن للسعودية أنها فعلاً عن اقتناع لتغيير نهجها السياسي مع السعودية ولم تكن اضطراراً، عليها أن تثبت أنها نقلة نوعية وليست مجرد تملق مؤقت ينتهي بمجرد انتهاء المهمة.
فهل سوف تسهم زيارة بايدن في تبريد النار في بلاده بمعنى هل تكون السعودية منقذ لاقتصاده ..؟
كل المؤشرات تقول: إن الظروف تغيرت وزاوج المصلحة لم يعد ينفع في عالم اليوم الذي يشهد تغيراً جوهرياً .