مُكرّمّاً في جامعة دمشق جورج قرداحي: الإعلامي شاهد على عصره والأخلاق سمة الإعلام المهني
بارعة جمعة:
لم يكن خطابه أكاديمياً أو معلَّباً أو معدَّاً سلفاً، بل جاء حاملاً معه تجربة عشرات السنين من ممارسة المهنة كتابةً وإذاعةً وتلفزة، وفي ثنايا كل تجربة تجد الجميل والناجح وأحياناً الصعب والمر، وانطلاقاً من جهود الجامعة في تزويد باحثيها و طلابها بالخبرات الأكاديمية اللازمة لربط مخرجات التعليم مع سوق العمل، كان طلاب كلية الإعلام في انتظار اللقاء بشخصية استثنائية رسمت درب النجاح للكثيرين، وجعلت من لقائهم اليوم مع الإعلامي والسياسي اللبناني “جورج قرداحي” في مدرج “جامعة دمشق” وبحضور كريم من أساتذة وعمادة الجامعة و كلية الإعلام، حالة تفاعلية ومدرسةً في النبل والأخلاق.
تراكم الخبرات
بدأت مسيرته الاعلامية ضمن أجواء العمل التلفزيوني في لبنان، لينتقل لتعلم أصول الصحافة الحرة والمسؤولة أثناء عمله في إذاعة “مونتي كارلو” الفرنسية، حمل على عاتقه إيصال الكلمة بعمق ومهنية، مخاطباً بواسطتها المستمع والقارئ بآنٍ معاً.
ولأن ماعلينا فعله هو النهوض بمستوى الاعلام في كل المجالات، وإيماناً بقدرة الإعلامي على التأثير، لاسيَّما المعروف بكلمته وحضوره وقوَّة خطابه الذي يعتبر الفرصة للتغيير وإن كان محدوداً برأي الإعلامي جورج قرداحي، وتماشياً مع التطور المتسارع في الإعلام ودخوله عالم “السوشيال ميديا”، التي باتت منبراً لكل إعلامي يطل من خلالها على الجمهور لبث أفكاره والعمل على تغيير الواقع، لايمكن للإعلامي تغيير مسار الإعلام بمفرده، فالعملية تحتاج جهوداً كبيرةً من وسائل إعلامية تكون أكثر قدرة على التأثير.
مرآة الواقع
واليوم أمام كل هذه الأحداث والتطورات الكبرى في العالم، يكمن دور الإعلامي في تمثيل واقعه بمهنية وصدق وأخلاق عالية، فهو بمثابة الشاهد على عصره، وكل مايجري حوله من أحداث تلزمه وتضعه أمام خيارات عدَّة، فإما أن يكون شريفاً موضوعياً أو شاهد زورٍ صاحب مصلحة خاصة، والمؤسف في يومنا هذا شيوع أصحاب الاتجاه الثاني، ممن امتهنوا الاصطياد في الماء العكر وتشويه الحقائق، ليبقى أصحاب الاتجاه الأول الأحق بصفة الإعلامي وأصحاب رسالة برأي “قرداحي”.
والأهم حالياً هو العمل على تنمية شعور المسؤولية أمام هذه الرسالة السامية، وتعريف أصحابها بأصولها وطرق استخدامها للتأثير في الرأي العام وتوجيهه، واعتماد قاعدة الأخلاق كأساس للعمل واحترام الحقيقة بكافة أشكالها.
وكغيرها من المهن الأخرى، تحمل مهنة الصحافة والاعلام أصولاً تكوينية لايمكن الخروج عنها برأي “قرداحي”، أهمها التكوين المهني، فلكي تصبح إعلامياً عليك العمل على شحن جميع الوسائل التي تتطلبها المهنة، وعلى رأسها الثقافة بمتابعة المواضيع الآنية وكل التطورات حول العالم، والإلمام بأصول اللغة الأم وقواعدها، ومعرفة أدوات التخاطب مع المحيط ومعالجة القضايا بصدق احتراماً للجمهور المتلقي، وعدم الانسياق وراء الأضواء والشهرة والعمل بقدر كافٍ من التواضع.
قوَّة الإعلام
والغريب مايلجأ إليه البعض في البحث بمكامن الاختلاف والمقارنة بين أسلوب الإعلام في بلد وآخر، ولاتزال مسألة حرية الرأي والصحافة تشغل حيِّزاً من الاهتمام لدى الكثير، لنجد اليوم أن الإعلام اللبناني غارق بالحرية غير المحكومة بضوابط أو قانون، والذي لايبرره مبدأ الحرية، فحرية الفرد تقف عند حدود حرية الآخرين من وجهة نظر “قرداحي”.
كما أنه لايمكننا إغفال أهمية الدعم المادي في دفع عجلة الإعلام إلى الأمام، فالإعلام صناعة وهي تحتاج لعصب يحركها هو المال، كما لتجارب الإعلام السوري أثر مميز في الصمود ضمن الإمكانيات المتاحة، والذي يعد نجاحاً لإعلاميين شباب ومخضرمين قدموا الكثير في سنوات الحرب.
ومايتطلبه إعلام اليوم الذي بات رهن الإعلام الإلكتروني، تطوير مهارات الشباب لاسيما الخريجين منهم برأي ” قرداحي”، مطالباً الشباب بالعمل على ممارسة المهنة على أرض الواقع ضمن مؤسسات رسمية لاكتساب الخبرة منها، ومن ثم التوجُّه لمنصات التواصل الاجتماعي التي باتت مصدراً للاعلام وتحتاج لتنظيم أكثر، كما خاطب “قرداحي” جمهور الإعلاميين لمعرفة أصول الحوار الصحيح والجمع بين أصول اللغة وطرق التعبير لدى الضيف الذي يعتبر المتحكم الأول بأسلوب الحديث وسبل إيصال الفكرة بالطرق التي تناسبه.