أبناؤنا.. والظواهر الهدّامة

الأب حسن سليمان الطبرة

يافعونا وشبابنا عماد مستقبل الوطن، حرّاس الفجر، تلامذة وطلاب اليوم متحملو النهوض بمستقبل الوطن، وبنائه فكرياً وثقافياً وتربوياً واجتماعياً وعسكرياً ودينياً.

نعم إنهم درع الوطن، وحصن الأمة المستقبليون، والمفروض أن تتكسّر على عاتقهم نصال وسموم أسلحة القوى الاستعماررية والصهيونية وأدواتهما الداخلية والخارجية القذرة.

أطفال الوطن ويافعوه اليوم، شبابه وحرّاسه في الغد يتعرضون اليوم لغزوٍ قذرٍ يهدف إلى تدمير كيانهم الداخلي وهدم أخلاقهم ومعتقداهم وموروثهم الاجتماعي النبيل.

نعم، تعود بي الذاكرة إلى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات والفقر المادي والعوز الاقتصادي الذي عاشه آباؤنا ومن قبلهم أجدادنا الذين عاشوا الفقر والعوز الماديين المدقعين وتأثيرهما السلبي على التعليم والصحة والخدمات وخاصة في أريافنا العامرة آنذاك محبة وتعاضداً وتماسكاً اجتماعياً ووطنياً وقومياً قلّ نظيره.. نعم حافظ مجتمعنا آنذاك على تماسكه وتضامنه وموروثه الاجتماعي النبيل وبقي متماسكاً اجتماعياً وتربوياً ووطنياً.

ويعود الفضل في ذلك الحين إلى الأسرة التي صانت القيم الاجتماعية والأخلاق النبيلة وأرضعت النشء لبن المحبة والتسامح والتعاضد والبعد عن التعصب والتمسك بالموروث الاجتماعي والوطني النبيل.

مجتمع الأمس المتماسك والمحافظ على المثل والسلوكيات الموروثة من السلف الصالح مهدّد اليوم باستشراء عادات وسلوكيات تهدف إلى تدميره واجتثاث قيمه النبيلة واستبدالها بسلوكيات هدّامة قاتلة.

نعم، أقول ذلك وأنا بكامل قواي العقلية، أنا ابن السبعين عاماً لما ألحظه من تهديد مباشر وهدمٍ متعمّد لذلك المجتمع النبيل..

فأطفالنا ويافعونا وشبابنا يقومون اليوم باستعمال لاصق «الشعلة» الذي يُستعمل للصق الجلديات وخاصة الأحذية، بإحراقه وشمّه كمادة مخدّرة للعقل والجسد، وبالتالي عدم الاستغناء عن ديمومة استعماله كمادة مخدرة بديلة عن الحشيش والأفيون غاليي الثمن.. من هنا أقول بملء الفم وسعة الإدراك العقلي والنفسي: مرّ مجتمعنا خلال الخمسينيات والستينيات وما قبلهما بفقر مادي وعوزٍ اقتصادي وضيق ذات اليد وضنك في العيش وحرمان من كثير من أساسيات الحياة، لكنه حافظ على أخلاقه النبيلة ومُثُله الرائعة، وأعتقد أن الفضل الأول يعود إلى الأسرة التي أرضعت أبناءها هذه المُثل والقيم وإلى الأسرة التربوية والتعليمية التي كانت حازمةً مع تلامذتها وطلابها ومحافظةً على قيم مجتمعها ومتابعةً نهج الأسرة ومفعّلةً له ثقافةً وسلوكاً.

فلينتبه كلٌّ منّا من موقع مسؤوليته، ولا يستهن بإمكاناته، أمهات وآباءً، جدّات وأجداداً، معلمين ومدرّسين ومرشدين نفسيين وتربويين، قادةً تربويين واجتماعيين ودينيين.. ولنحافظ على مجتمعنا بالانتباه لهذه الظاهرة وغيرها من الظواهر الهدّامة، ومنها ما يُدخل في أنفاس «النرجيلة» سرّاً أو علناً من مواد مخدّرة، فلنجتثّ هذه السلوكيات الهدّامة التي تهدف إلى قضّ مضاجع المجتمع ومفاصله، وتخريب أسسه والانقضاض المستقبلي عليه، ولنحافظ على سلامة مجتمعنا ومستقبل أجيالنا تربوياً واجتماعياً وثقافياً و وطنياً، ولتتضافر كل الجهود الخيّرة والهادفة إلى متابعة بناء الوطن الذي لا قيمه للحياة من دونه.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار