كيفورك ماكاريان: الديكور استحضار المكان في النص بما يتناسب مع التاريخ
حوار: ميسون شباني
خلال انهماكه ببناء ديكور لمكان مهدم لاحظنا تركيزه على تفاصيل المكان واعتناءه باللون، وارتأى في سياق حديثنا معه أن مهمة مهندس الديكور استحضار المكان في النص بغض النظر عن لونه الفني وتوثيقه بصرياً من خلال الأثاث والإكسسورات، لتأتي مهمته بعد مهمة المخرج في إحياء النص البصري حسب اللونية المقدمة.. مهندس الديكور كيفورك ماكاريان الذي قدم وصمم العديد من ديكورات الأعمال الدرامية مثل: وردة شامية، دومينو، عشاريات الحب جنون، وغيرها؛ التقته «تشرين» خلال اشتغاله على تصميم ديكورات مسلسل جديد, وكان لنا هذا الحوار :
* البداية عن جديد ما تقوم به ؟
انتهيت مؤخراً من عمل درامي قمت بتصميم ديكوراته مع المخرج جود سعيد يضم نخبة من الممثلين العرب والأجانب يمكن عدّه عالمياً بعنوان “حبيب”، اشتغلت فيه نحو ثلاثة أشهر ونصف الشهر تمت الاستعانة بعدة مواقع تصوير في مدينة داريا التي طالتها الحرب من ناحية الهدم، وتم الاشتغال عليها بما يتناسب مع روح النص والرؤية البصرية والشخصيات الموجودة بالعمل وتطويع الديكور بما يخدم أحداث العمل ومجرياته، فهو يحاكي حدثاً معيناً إبان الحرب على سورية وانعكاسه على العلاقات الاجتماعية، وبخصوص الديكور ذهبنا نحو الألوان، وتمَّ انتقاء المفروشات حسب الشخصيات، وكل حسب وصفه وبما يتناسب مع الحالة الاجتماعية لشخوص النص، وفيما يتعلق بالحرب أسسنا ديكورات لمشافٍ خارجية وداخلية وقمنا بتحويل إحدى المدارس إلى مشفى ميداني إضافة إلى غرفة عمليات بما يتناسب مع الحالة للعمل.
* بخصوص الشكل البصري في المناطق التي طالتها الحرب، هناك أثاث مهدم وأماكن شبه بائدة، كيف تعاملت معها لإحيائها بما يتناسب مع روح النص؟
بالنسبة لآثار التهديم والدمار، كانت هناك أشياء جاهزة فقد اخترنا بعض مواقع بما يتناسب مع الحدث، وثمة أمكنة أخرى تمَّ الاشتغال عليها كمواقع جاهزة، إضافة إلى استعانتنا بمناطق مهدمة فعلاً، فقمنا بإصلاحها وإعادة ترميمها وتجهيزها والجهد الأكبر كان بتجهيز الموقع الجاهز، أما كهدم فهي كانت بحاجة إلى خيارات..
* اللونية السائدة تميل إلى الرمادية في الأماكن المهدمة، كيف تمّ التعامل معها ؟
عبر مسلسل “حبيب” تمّ الاشتغال على الكادر اللوني بشكل كبير وخاصة المنازل ومراكز القيادة، كما تمت الاستعانة بتدرجات الألوان الرمادية والسوداء، واستخدمنا الألوان القوية لبعض الشخصيات النافذة، إضافة إلى الديكورات والأثاث المميز، وقدمت عدة أماكن كانت جرأة اللون هي الغالبة وأهم ما يميزها واقعيتها..
* الحقب الزمنية تفرض تطوراً بالديكور، التوثيق له هل يؤرخ لحقبة زمنية معينة؟
من أهم العوامل توثيق المرحلة التاريخية لأي عمل كي ينجح المسلسل ويكون قريباً للواقع ويشاهده المتابع، لذا نعود إلى المراجع ونستحضر الديكور وكيف كان شكل البيوت والأماكن والإكسسوارات، لأن عين المشاهد تلتقط التفاصيل، ولذا يجب أن يشعر أن ما يراه يوثق لمرحلة زمنية معينة، وهذا عمل مهندس الديكور مقاربة ما يقدمه بما يتناسب مع الحقبة التاريخية وتحسين الكادر اللوني والبصري..
* هل يقرأ الفنيون النص، أم يتم الاكتفاء بقراءة المخرج وقيادته للعمل؟
أول من يقرأ النص هو المخرج ومهندس الديكور، ويجب أن يكون هناك تفاهم وانسجام بينهما، ويملكان نفس التصور والرؤية البصرية لكي يتاح لهما اللعب بهذا الفضاء ..
* بصمة مهندس الديكور أين تحضر أكثر في أي لون فني تاريخي، كوميدي، بيئي شامي، أم معاصر؟
يجب أن تحضر فيها كلها، وأن يقدم بصمة واضحة فيها، ويغير المفروشات، ويلعب بالألوان والديكورات والإكسسوارات وألون الجدران بحركة يميز فيها عمله، ليس فقط عبر التاريخي حتى الأعمال الاجتماعية هناك بيوت فيها جرأة تقوم بها شركات الإنتاج، وهي الحصول على منزل تُعيد إكساءه من جديد ليتناسب مع النص وبناء التصور المقدم من قبل المخرج ومهندس الديكور.
* عمل تعتزُّ به؟
هناك الكثير من الأعمال التي أعتزّ بها، ولكن “وردة شامية” هو الأقرب لقلبي وأعتز به كثيراً، فعبره قدمت شكلاً مختلفاً للحارة لا تشبه في تفاصيلها الحارات الشامية بالأعمال الدرامية، وكان عبارة عن سوق ذهب وسوق آخر للقماش وتم العمل على الإكسسوارات بشكلٍ كبير، وهذا العمل قدم لي نقلة نوعية في جمالية الإشتغال على الديكور ومعظم الأماكن بالعمل تم التصوير فيها لأول مرة، وهناك مسلسل “حبيب” الذي بذلنا فيه الكثير من الجهد واستغرق فترة طويلة للتحضير له كديكور، وقدمت فيه شيئاً مختلفاً، ولا أنسى مسلسل “دومينو”، إضافة إلى أربع عشاريات من مسلسل “الحب جنون” حيث تمَّ إنتقاء أماكن لم يسبق للكاميرا أن التقطتها
… * التعامل مع أمزجة مختلفة للمخرجين ماذا أعطاك ؟
تعاملت مع أكثر من (12) مخرجاً، وهو الأمر الذي جعلني أدخل عوالم عدة مدارس فنية وتجارب في الإخراج، وهذا منحني فرصة لأتعلم كل شيء جديد منهم: مروان بركات، سيف سبيعي، أحمد إبراهيم أحمد، فادي سليم، علي علي، جود سعيد، وهناك عدة مخرجين شباب.. ولكن أكثر من تقاطعت الرؤية البصرية معهم؛ كان كل من: مروان بركات وسيف سبيعي و جود سعيد ..