من أدبيات السّوق …
حين كانت التجارة صنعة تحكمها القوانين وأدبيات السوق فإنّ سلعاً صناعية محلية حملت سمعة محمودة لدى المواطنين على اختلاف شرائحهم الاجتماعية, و كان باستطاعة الجميع شراء حاجاتهم وبأسماء وماركات لم يفكر أصحابها بمسألة الحماية لها, ورأينا كيف تسابق الجميع لتقديم السلعة الأكثر جودة والمنافسة لغيرها سعراً, ولا ننكر حالات الغش الكبيرة أيضاً وكانت عين الرقابة لها بالمرصاد دائماً .
اليوم نرى الأسواق وقد غزتها ماركات لم يسمع بها أحد من قبل، ونتيجة الحاجة يصبح المستهلك أمام خيارين أحلاهما مر، فهو مضطر دائماً لصرف نقوده القليلة على أشياء متدنية الجودة لا تخضع لأي من وحدات القياس أو الجودة, وإن حدث هذا الأمر فالشروط ستكون تعجيزية لأسباب تتعلق بالحصار الجائر الذي يتحمل تبعاته المواطن المستهلك لكل الأشياء المتوافرة حالياً.
جاءت سنوات الحرب منقذة لأولئك الذين دخلوا السوق بعلامات تجارية وجلّ اهتمامهم تصريف منتجات رديئة بأسعار باهظة من دون النظر إلى عمرها الزمني أو لانتهاء صلاحيتها .
برغم انقضاء السنوات إلّا أنها لا تزال حديثة العهد بمسألة حماية الملكية الصناعية والعلامات التجارية نظراً لوفرة الصناعات المتماثلة في المدن الصناعية وفي التجمعات الحرفية سابقاً, وحتى في أقبية المنازل كما يحدث في أماكن شتى، وأعتقد أن عودة الثقة بالمنتج المحلي تحتاج ظروفاً أفضل ومنافسة عادلة مع بضائع مشابهة محلية ومستوردة، وفي الوقت نفسه قدرة شرائية مقبولة لأصحاب الدخل المحدود وعددهم ليس بالقليل .
ما قامت به وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يدعونا للتفاؤل بعد تغريم تجار أزمة قاموا بتوريد بضائع فاسدة لـ«السورية للتجارة» وإتلافها حرقاً كما سمعنا، وخاصة أن بضائع لا حصر لها كنا نشاهدها يومياً بأسماء وماركات لم نسمع بها من قبل .!!