الأغنية التراثية تستعيد ألقها وتفتح الطريق لألحان جديدة
بارعة جمعة:
نافذة جديدة نُطلُّ من خلالها على الثقافة السورية، حملت معها ألحاناً وكلمات عذبة أطربت الحاضرين، وأشعلت بداخلهم الحنين لكل ما هو قديم، وبتوليفة موسيقية متقنة، كان لجمهور مركز ثقافي أبو رمانة موعد مع احتفالية تراثية برعاية من وزارة الثقافة ومديرية التراث اللامادي، وبمشاركة مميزة من فريق «نوافذ».
«تنوُّع ثقافي»
ضمن برنامجٍ غنيٍّ ضمَّ ثلاثَ جلساتٍ، تنوعت بين الغناء (الفراتي، والمردلي، وفن المنطقة الوسطى)، انطلقت أعمال مشروع “نوافذ” لعامه الخامس على التوالي، مستقطباً العديد من الفنانين والأدباء والموسيقيين، ولأن ما يعيشه تراث منطقتي حمص وحماة من تغييب عن مسامع الجمهور، كان الاتجاه اليوم إليه، لكونه جزءاً مهماً من الثقافة السورية حسب توصيف مؤسس ومدير مشروع نوافذ الباحث الموسيقي إدريس مراد.. فضمن سلسلةٍ من الطروحات الثقافية كان للمنطقة الوسطى نصيبها من الاهتمام عبر تناولها بأسلوب “بانورامي” سردي من قبل الأستاذ “نزيه أسعد”، وذلك ضمن جهوده المتواصلة في سبيل تقديم هذا التراث بشكلٍ عمليٍّ وبأداء مغنِّين من المنطقة نفسها، ولأن ما يتم تقديمه في كل مرة هدفه تكوين وعي الجمهور بالتراث وتسليط الضوء عليه بأشكاله وحيثيَّاته كلها، كان لابُدَّ من العمل على إيجاد أسلوب جديد لتقديمه، سعياً منهم لترجمته مستقبلاً بأساليب فنية حديثة كالأفلام والمسرح.
وللتنوع الجغرافي بين المدينة والريف دوره الأكبر في تسليط الضوء على معاني الكلمات برأي “أسعد”، والذي بات واضحاً في تراث مدينة “حمص” التي تشهد اختلافاً كبيراً في اللهجات، والبيئات، والأزياء، والعادات والتقاليد، والذي بدوره يقود لتنوُّع اللحن، والكلمة، والإيقاع أيضاً.
«انتشار واسع»
كما أن لمثل هذه المشاريع الموسيقيَّة دورها الكبير في تحفيز الجمهور للاهتمام بالتراث، والذي بات واضحاً من قبل الجاليات العربيَّة، التي تعمل على نشر هذه الألحان بطرق معاصرة، وذلك من خلال استخدامهم الآلات الشرقيَّة، ضمن مقاماتٍ تتناسب مع الشكل الأكاديمي الحديث.
ووجود تقاطعات من حيث اللهجات وطرح الألحان والإيقاع بين مدينتي “حمص وحماة” هو السبب الرئيس في ترجمتها إلى “أوركسترا”، والذي بات حلم الموسيقيين الجُدد حسب رواية “نزيه الأسعد”.
«عذوبة اللحن»
وللكلمة الريفية تأثير مباشر في نفوس الحضور، لقدرة أهل الريف على تناول مواضيع وقضايا الإنسان بشكل أوسع، إلّا أن لقرب الكلمات المُدرَجة في تراث المنطقة الوسطى، والمستمدَّة من أجوائها الجميلة والعفوية، والتي تلامس القلب بصورة مباشرة دوراً كبيراً في انتقاء الأغاني من قبل المغنية الشرقيَّة “هيا شمالي”، وذلك ضمن مشاركتها الخامسة، التي حرصت من خلالها على التنوُّع في تقديمها لـست أغانٍ من تراث حمص وحماة، من بينها أغنية مشتركة بين المدينتين.
كما أنه من الضروري إحياء التراث في نفوس وعقول الجيل الحديث، الذي أثبت تجاوبه مع الألوان المُقدمة، والتي لاقت استحسانه وكانت الأقرب لذائقته الفنية برأي “نزيه الأسعد”، إلّا أن ما ينقص الأغنية التراثية في يومنا هذا هو الترويج والإعلان لها برأي عضو لجنة التراث الشعبي الدكتور “بسام الأيوبي”، الذي شجَّع من خلال حضوره الحفل الموسيقي على الاستمرار بقيام مثل هذه النشاطات، نظراً لخسارتنا لرموز الفن التراثي، والعمل على تجديد الأغنية من ناحية الكلمات والألحان.