هل يكفي مصروف الأبناء اليومي في ظل هذا الغلاء؟
دينا عبد
يندرج مصروف الأبناء اليومي في خانة الموضوعات التي توليها الأسرة اهتماماً، لأنه يحتاج أسلوباً نفسياً واجتماعياً ممزوجاً بالحكمة في التعامل معهم عند منحهم إياه، وتزداد حالة القلق لدى الآباء الذين يرون من جانب في منح الأبناء مصروفاً كبيراً يحفزّهم على الدراسة، ولا يعرضهم لمواقف محرجة أمام زملائهم, ومن جانب آخر يعتقدون أن المصروف الكبير قد يكون عامل إفساد يدفع الأولاد إلى سلوك سيئ.
سماهر مدرّسة لغة إنكليزية قالت: الموضوع يستحق الوقوف عنده, والبحث فيه، لأن الظروف الاستثنائية التي نمر بها لها آثار سلبية على الجميع، فالمصروف الذي كان يتقاضاه الابن سابقاً من أهله لم يعد كافياً، لذلك أحاول دائماً أن أوازن بين الإخوة جميعاً، فمثلاً : إن لم يكن لأحد الأبناء عمل أو لا ينوي الخروج من المنزل أعطي مصروفه للأخ الآخر، ربما يحل له أزمة، أما إذا نويت إعطاء الثلاثة فهذا سيسبب إرهاقاً لميزانية المنزل.
عبد الله معلم ابتدائي قال: مهما كان المصروف اليوميّ قليلاً أو كثيراً فإن علينا أن نعيش الظروف الحالية, لأنني دوماً أقنع أبنائي بأن يجمعوا مصروفهم لحين حاجتهم لشراء أشياء قد يحتاجونها فيما بعد، وخاصة أنني في بعض الأيام ليس لدي مقدرة على إعطائهم أي مصروف.
صبا حميشة استشارية تربوية ونفسية بيّنت أهمية أن يُراعى في المصروف اليوميّ للأولاد عدّة جوانب؛ منها عمره والمرحلة التي يدرس فيها ومدى حاجته للمصروف, هل هو كافٍ أم لا؟ وبرأيي عملية التقييم مهمّة ومنطقية جداً لأن الأبناء الذين يدرسون مثلاً في المرحلة الثانوية يحتاجون مصروفاً أكثر من الأبناء في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، و منح طالب المرحلة الثانوية مصروفه بشكل أسبوعي أفضل بكثير من اليومي لأنه من جهة سيخفف عن أهله عبء المصروف اليومي وتالياً يعتمد على نفسه بشكل أكبر .
ففي ظلّ الظروف الراهنة التي نمر بها وخاصّة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أثقلت كاهل المجتمع بجميع شرائحه فقد أثرت ذلك بشكل أو بآخر في الدخل الأسري, ومن أحد تجليّات الوضع أنه لم يعد بمقدور الآباء تقديم لوازم الأولاد الضرورية, ولاسيما إذا كانت أعداد أفراد الأسرة تتجاوز ثلاثة أفراد.
فالموضوع مهمّ جداً بالنسبة للأوضاع التي نعيشها حالياً, لذلك يجب أن يكون دخل الأبناء محدوداً وحسب أعمارهم, فالأولاد ليسوا بحاجة إلى مصروف كبير بقدر ما هم بحاجة إلى الاهتمام والتعامل الحسن، فمن الحكمة القول: إن الظروف العصيبة التي يمر بها مجتمعنا أدت إلى ضياع الأسر الفقيرة لأن التحديات المادية التي تواجهها أكبر من إمكاناتها العملية وخاصة في ظل مجتمع أصبح متفككاً في غياب الضمان الاجتماعي وتكافله.