أيّ اقتصاد لا يحظى بمكون صناعي مهم وقوي، لا يحظى بمقومات الاستمرار والديمومة، والحفاظ على هويته التي تميزه عن غيره، وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان، فالاقتصاد القوي يحظى بمنتج صناعي جيد وإنتاجية تحقق ديمومة الاستقرار، لذلك قالوا:«الصناعة قاطرة النمو والعمود الفقري للاقتصاد», وهذه من المسلمات التي لا تقبل الجدل، ولا حتى النقاش فيها.
أمام هذه الحقيقة التي يعلمها أهلها والقائمون على إدارتها والملمون بواقعها من ألفه حتى يائه، وضعت الحلول لمعوقاتها المادية والفنية والبشرية، لكن ذلك لم يغير من واقعها شيئاً ، وإن حصل، فالتغيير مرتبط بالحالة الزمانية والمكانية له، وقد حققت من خلاله صناعتنا بعض النجاح الذي يسجل لها في قطاعات محددة ، وهذا مرتبط بالأشخاص، لكنه لم يخرج من محيطه المكاني، ما دفع أصحاب الرأي في القطاع الصناعي والمسؤولين عنه للبحث عن حلول تفرض الحالة الكلية في النجاح، فظهر الكثير من الإجراءات التي شكلت حقل تجارب تحت عناوين مختلفة ، تطبيقها مرهون بالمرحلة وطبيعة المنتج ذاته!
رغم أن الحكومة وسعت دائرة الصلاحيات وفق تعاميم وقرارات أطلقت فيها اليد لأهل الإدارة في تحسين الإنتاج الصناعي وتطويره وتأهيل كوادره، وهذه الحلقة كانت موجودة في المراحل السابقة وما زالت، لكنها فقدت الكثير من معانيها بسبب الخوف والهروب من المسؤولية وتقاذفها فيما بين المفاصل الإدارية مع استمرارها ، لكن بصور مختلفة وخاصة خلال الأزمة الحالية التي اتخذها هؤلاء شماعة للهروب من المسؤولية.!؟
علماً أن الكثير من تجارب الإدارة بالأهداف نفذت سابقاً بإدارات أعطت لقوة الإنتاج نجاحاً مميزاً ، لكنها لم تستطع ترجمتها بصورتها الشمولية ، بل حافظت على مكانتها، وتلاشت بعدها بفعل الأسباب والمسببات وظهور تجارب أخرى انتقلت بها من الإدارة بالأهداف الى مجالس الإدارات التي مازالت تغوص في فشلها ، من دون تقديم المطلوب، وخاصة أنها شكلت عبئاً إدارياً ، في الأساس هو موجود عبر الجهاز الإداري لكل شركة أو مؤسسة حظيت بمفهوم المجلس والهيئات الاستشارية ، لتقديم النصح والمشورة ومساعدة الشركات لتحسين واقعها و نوعية إنتاجها ، فما كانت إلّا صوراً جديدة للتعقيد والروتين ، وتصيّد الأخطاء , وزيادة في فرص الهدر ، من دون أن ننكر نجاح بعضها في قطاعات مختلفة …
وهذا الأمر لم يتطور، ومازال فعله قائماً حتى في سنوات الأزمة التي نحن فيها بأمس الحاجة لفاعلية أكبر على المستوى الإداري والإنتاجي ، رغم وجود عشرات المذكرات، وقصص إعادة الهيكلة وغيرها من أسطوانات التطوير والتأهيل، غير أن الواقع بعيد عنها ، ينتظر مبادرات فعلية تحمل طابع الجدية بمستوياته الإدارية والإنتاجية والتسويقية ، فهل ننتظر طويلاً لتحقيق هذه المستويات..!؟
سامي عيسى
164 المشاركات