القوقاز وسورية وتصنيع الحروب الناتويّة- الأمريكية!

أ.د. حيان أحمد سلمان:
يبدو حاليا أن علاقة الاقتصاد بالحرب بدأت تنحو منحى آخر مختلفا عمّا كان عليه سابقا بالشكل وليس بالمضمون، حيث كانت الأسلحة تباع لتقوية الحروب، أما الآن فإن الحروب ( تصنع ) أمريكيا لتسويق الأسلحة ؟!
وبلغة رقمية فقد بلغ الإنفاق العسكري الأمريكي سنة /2021/ ما يزيد على /770/ مليار دولار ستمول من تسويق الأسلحة كما في ( سورية والعراق وأفغانستان وإيران وجورجيا وكوريا الشمالية والصين ) وغيرها، وحاليا ومع زيادة المشكلات الاقتصادية من ( ركود – تضخم – تراجع الإنتاجية والتنافسية …الخ ) فهل تصنع أمريكا حروبا جديدة ونحن نتلمس ذلك في منطقة (القوقاز) التي تفصل أوروبا عن آسيا لضمان سيطرتها وقوتها خاصة ان التصنيع العسكري من أهم مكونات اقتصادها وناتجها الإجمالي GDP؟
وهل سنسمع قريبا قرع طبول الحرب في منطقة ( القوقاز ) وتضحي أمريكا بأمن المنطقة كما ضحت بأمن أوكرانيا والقطب الشمالي وتاريخها هو تاريخ إبادة الهنود الحمر (سكان أمريكا الأصليون ) ، وبالتالي تضمن السيطرة على ( أوراسيا ) ومن يسيطر عليها يسيطر على العالم ، وعندها تتمكن من محاصرة ( روسيا والصين وإيران ) بشكل مباشر؟، وهذا يفسر كثرة الزيارات لمسؤولين من الناتو وخاصة ( الأمريكيين والأتراك ) لدول القوقاز، وكأن أمريكا حاليا تطبق قول ( أدولف هتلر ) النازي [ أولئك الذين يريدون أن يعيشوا دعهم يقاتلوا وأولئك الذين لا يريدون القتال في عالم الصراع الأزلي لا يستحقون العيش]، ووسيلتها في ذلك السيطرة على الموارد العالمية وإلحاق الاقتصاد العالمي باقتصادها، ومن هنا نتفهم أيضا زيادة اهتمام المراكز البحثية الاقتصادية الأمريكية بالتركيز على الجانب الجيواقتصادي.
وكمثال على ذلك أكد هذا مركز ( ستراتفور Stratvor) حيث أعد مؤخرا دراسة عن أهمية القوقاز التي تضم أربع دول وهي [روسيا وأذربيجان وأرمينيا وجورجيا] ولهذا تسعى الإدارة الأمريكية لتحريك النزعات الانفصالية في القسم القوقازي الشمالي التابع للاتحاد الروسي [أديغيا – قراتشاي- تشيركيسيا – وقبردينو- بلقاريا- أوسيتيا الشماليّة – الشيشان – وأنغوشيتيا – داغستان] الذي ينعم بالأمن والاستقرار والتطور والاهتمام المتزايد من قيادة الاتحاد الروسي ، وكذلك في منطقة القوقاز الجنوبي ( جورجيا – أذربيجان – أرمينيا ) وهذه الدول كانت كلها تابعة (للاتحاد السوفييتي ) السابق واستقلت بعد انهياره ، كما أن منطقة القوقاز تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة حيث تقع هذه المنطقة بين ( روسيا شمالا و البحر الأسود وتركيا غربا وبحر قزوين شرقا وإيران جنوبا )،كما أنها غنية بالموارد الاقتصادية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر [ النفط والغاز والحديد والنحاس والمنغنيز والمولبيديوم والمياه المعدنية والشاي والخيزران والفواكه والحمضيات والعنب والتبغ ) وغيرها، وتمر بها أهم خطوط النقل العالمية والطرق السريعة العالمية ، وهذه هي أسباب الطمع الأمريكي بهذه المنطقة ، ولكن هل تسمح الدول المجاورة بتنفيذ الأحلام ( الجيوسياسية ) الأمريكية وإقامة التحالفات الأمنية العسكرية لتتمدد كما تمددت في أوكرانيا وآسيا الوسطى وهي (أوزبكستان وتركمانستان وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان) أو ( الأستانات الخمس ) لأن كل دولة منها تنتهي بكلمة ( ستان )، وقيادات الدول المجاورة تعرف أنه مع تحول هذه المنطقة إلى محميات أمريكية عندها تستطيع أمريكا أن تفصل بين (الصين وروسيا والقارة الأوروبية) وتمنع انسياب السلع الصينية إلى العالم وتعرقل مشروع الصين العملاق ( طريق الحرير ) ، وتمنع أيضا روسيا وإيران من نقل الطاقة والوصول إلى البحر الأبيض المتوسط والتحالف مع سورية ، وتسيطر على بحر قزوين الغني بالموارد الاقتصادية، ويساعدها في ذلك تحالفها مع ( تركيا وإسرائيل ) كما حصل السنة الماضية خلال حرب ( ناغورني كارا باخ ) بين ( أذربيجان وأرمينيا )، ولاحقا ومع السيطرة على هذه المنطقة يتم التمدد نحو قلب أوراسيا ومعروف أن من يسيطر على أوراسيا حسب نظرية العالم الجغرافي البريطاني (ما كندر Mackinder ) سنة /1904/ حيث قال إن من يحكم شرق أوروبا يسيطر على قلب العالم وبالتالي يسيطر على العالم، وبرأينا من الصعوبة على أمريكا أن تفرض سيطرتها على هذه المنطقة ، ولكن مشاريعها التقسيمية الانفصالية ستستمر وهي تعرف أن روسيا والصين وايران سنة /2022/ ليست كما كانت عليه سابقا سواء من الناحية العسكرية أم الاقتصادية والسياسية ، وأن الصراع لم يعد على الحدود بل أصبح على الوجود أي نكون أو لا نكون ؟!، وأن العهد الأمريكي لم يعد قدرا ولكن يجب أن نكون حذرين من التحالف الصهيو- أمريكي- التركي، الذي يريد أن يجعل من سورية نقطة انطلاق لتنفيذ مخططاته الشيطانية الاستعمارية ، وهذا يفسر زيادة التحرك التركي والصهيوني الحالي ضد سورية وستتوسع الحروب لأن الحرب ككرة الثلج والنار كلما تدحرجت كلما كبرت وهذا

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار