هل ستكون الطاقات البديلة محركاً لاستثمارات المستقبل..؟
منال صافي:
تسير الحكومة اليوم بخطوات جدِّية نحو التوسع بمشروعات الطاقات المتجددة كخيار رديف للطاقة التقليدية، وذلك مع استمرار سيطرة الاحتلال الأمريكي والتركي على الثروات النفطية شمال وشرق البلاد والعقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب، ولكن ما الأسس التي يجب مراعاتها للتحول إلى هذا الاستثمار بخطا ثابتة, وتحقيق الهدف بتوليد الكهرباء من موارد نظيفة لا تنضب مع الزمن؟ وهل تقوم الحكومة بدورها للتحول بالشكل الأمثل نحو الاستثمار في هذا القطاع ؟
تشريعات وخطط إستراتيجية
يرى الدكتور معتز دالاتي مدير عام شركة لاستثمار النفط والثروات المعدنية أن القطاع الخاص مهتم بمشاريع الطاقات المتجددة في البلاد والاستثمار فيها، لافتاً إلى أهمية وضع تشريعات وأسس واضحة لتبديد مخاوف المستثمرين وفتح آفاق واسعة أمامهم، وضرورة وجود خطط استراتيجية للاستفادة من الاستثمارات داخلياً وخارجياً، ووضع قواعد بيانات واضحة من قبل الحكومة للتعامل مع المستثمرين، وإيلاء الاهتمام الخاص بالشركات الناشئة لأن فيها علماء وخبراء لم يفسح المجال لكسب خبراتهم، والاستفادة من الخبرات العربية والمحلية .
بدوره عزام الحسن مدير شركة للطاقات المتجددة وهي الشركة التي تتولى تنفيذ مشروع إنشاء محطة كهروضوئية في المنطقة الصناعية بالشيخ نجار قال: وزارة المالية لم تقدم تسهيلات بل وقفت ضدنا لأن خطتها الجباية وليس مساعدة الشركات في تنمية مشاريعها، غير أن رئيس مجلس الوزراء و وزراء الكهرباء والنفط والإدارة المحلية والبيئة وحاكم مصرف سورية المركزي كانوا متعاونين بشكل غير مسبوق، مؤكداً أن الطاقات المتجددة تناسب بلادنا، والجهود الحكومية المبذولة تشجع للاستثمار في هذا القطاع, وأن 90% من التجهيزات الموجودة في السوق رديئة وغير مطابقة للمواصفات العالمية ويجب على الجهات المعنية مراقبتها .
محفزات وبرامج
يقول مدين دياب مدير عام هيئة الاستثمار السورية: هناك محفزات ضريبية وإجرائية وجمركية وقرارات تسهّل وتدعم الاستثمار في مجال الطاقات البديلة، إضافة لبرامج حكومية قدمتها وزارة الاقتصاد من خلال سعر الفائدة وإحلال بدائل المستوردات والقرارات التي أصدرها المجلس الأعلى للاستثمار المتعلقة بتسهيل تخصيص الأراضي للاستثمار بهذا المجال .
ويرى دياب أن الاستثمار في هذا القطاع مطروح للتشاركية بين القطاعين العام والخاص, فالحكومة وحدها لا يمكن أن تقوم به, وذلك بسبب كلف التأسيس العالية لهذه المشاريع ، والحصار والعقوبات الاقتصادية اللذين يعرقلان استيراد التجهيزات الخاصة بالطاقات المتجددة .
إنتاج الكهرباء
الدكتور يونس علي مدير عام المركز الوطني لبحوث الطاقة أوضح أن الحكومة تنظر إلى الطاقات المتجددة «الريحية والشمسية» نظرة واحدة من حيث الأهمية , لكن أفضلية التركيب يحكمها الموقع بحد ذاته والطاقة الأنسب له، فالموضوع اقتصادي بحت تحكمه ضوابط فنية لها علاقة بالكمون المتاح من الطاقات المتجددة في موقع المشروع , فلا يمكن تركيب عنفات ريحية في موقع لا تتوافر فيه رياح بل نتجه لخيار آخر، فالأهم هو تكلفة إنتاج الكهرباء والجدوى الاقتصادية للمشروع وليس نوع التقنية، علينا إنتاج الكهرباء وكلما كانت الكلفة أقل كان ذلك أفضل اقتصادياً .
وعن رداءة التجهيزات المستوردة الخاصة بالطاقة الشمسية وعدم كفاءتها وتدني مواصفاتها والدور الحكومي للحد من هذه الظاهرة أشار إلى جاهزية المخابر الخاصة لاختبار التجهيزات المتعلقة بالطاقات البديلة, وخاصة الشمسية، وفي القريب العاجل ستوضع في الخدمة, وأنه يتم التنسيق مع الجهات المعنية كالجمارك و وزارة الاقتصاد والتجارة الداخلية وحماية المستهلك لضبط التجهيزات التي تدخل البلاد بحيث تكون مواصفاتها مطابقة للمواصفات العالمية، وستتم مراقبة الأسواق الداخلية للتأكد من دخولها وفق الإجراءات القانونية المتبعة والتدقيق لخضوعها للكشف من حيث الجودة, وخلال الفترة القادمة سيتم وضع أول مخبر لاختبار الطاقات المتجددة .
ولفت إلى أن صندوق دعم الطاقات المتجددة سيلعب دوراً في تمويل مشاريع الطاقات المتجددة للمواطنين في القطاع المنزلي والزراعي والصناعي, هذا الصندوق في حال دعمه للمواطن بتقديم قرض ميسر من دون فوائد يمكنه من تركيب منظومات شمسية أو كهروضوئية، وأن كل الآليات الحكومية تدعم التوجه نجو الطاقات البديلة للنهوض به ليحقق قيمة مضافة للاقتصاد السوري, نافياً ما يشاع حول تشويه المنظر العام لانتشار تجهيزات الطاقة الشمسية لكونها تركب على الأسطح أو بجانب المنزل ولا تتطلب مساحات واسعة .حاجة ملحة، التوجه نحو خيار الطاقات البديلة خياراً إستراتيجياً يجب المضي به من دون تردد، فعندما تتوافر موارد الطاقة ينتعش الاقتصاد، والعالم كله يتجه نحو هذه الطاقات بما فيها الدول النفطية نظراً لأهميتها في التنمية المستدامة وتأمين طاقة نظيفة لا تنضب، فما أحوجنا إلى هذا التحول, وخاصة أن ثرواتنا النفطية منهوبة والحصار والعقوبات تخنقان المواطن من كل الاتجاهات.