واشنطن ومحاولة التخريب في الجغرافيا السورية

د. رحيم هادي الشمخي
تعقيدات المشهد الإقليمي المستمرة ،و التي وصلت إلى ما يشبه الاستعصاء ، واستمرار الحرب على سورية، بشكلٍ أو بآخر ، و تعدد القوى التي تعمل في الميدان السوري ، يضاف إلى ذلك النتائج الإستراتيجية التي حققتها سورية سياسياً و ميدانياً، دفع واشنطن للمضي في تحريك الأدوات أو البيادق الميدانية لتضمن بقاءها في سورية و المنطقة لأطول فترة ، بعد سقوط قناع “دا*ع*ش “، ما يعني سياسياً النفخ الأمريكي في الأوراق المتفجرة ،أو القابلة للانفجار ، بهدف إعادة خلط الأوراق الميدانية و السياسية.
جهود هنا، وتسلل هناك، ومحاولات تخفي وراءها الكثير من خلال المساعي الأمريكية إلى جمع أكبر كيانين سياسيين كرديين في سورية .
لا شك في أنَّ الهدف الأمريكي من الدخول المباشر على خط هذه الجماعات ، أو بين هذه الميليشيات المتنابذة فيما بينها، والمرتبطة بالمحتل الأمريكي ، يكمن في إعادة خلط الأوراق ، وتغيير المشهد السياسي برمته في منطقة شرق نهر الفرات، لجهة محاولات “شرعنة “تأسيس كيانات انفصالية في المنطقة التي تحتلها، والتي تمثل حوالي 25% من مساحة سورية، وهي المنطقة الغنية بالثروات الطبيعية من النفط و الغاز، إضافة إلى أنَّها المنطقة التي تشكل خزان سورية من إنتاج القمح.
لقد سمح الغطاء الجوي للاحتلال الأمريكي لشمال سورية بحجة محاربة تنظيم “د*ا*ع*ش ” الإر*ه*ابي، بتسويق الكثير من الأطراف الميليشياوية ، لكنَّ هذه الإستراتيجية الانتهازية للميليشيات الانفصالية وخضوعها للشروط الأمريكية أدَّتْ إلى تَدهورِ علاقاتها مع الأطراف السورية، ومع الدولة السورية التي تمد يدها للجميع لقطع الطريق على المحتل الأمريكي ومحاولاته استخدام هذه الميليشيات كحصان طروادة .
وتندرج اندفاعة الميليشيات الانفصالية المرتبطة بالمحتل الأمريكي ، في سياق الإستراتيجية الأمريكية الرامية إلى إطالة أمد الحرب ومحاولات التخريب والعبث بالجغرافيا، وزرع بؤر متفجرة للضغط على الدولة السورية، والمضي في سرقة النفط و الغاز السوري.
وتعدّ محافظة الحسكة أغنى محافظات سورية وتبلغ مساحتها 23 ألف كلم مربع، أي أكثر من ضعف مساحة لبنان، وتحوي المحافظة أكثر من ثلثي النفط والغاز السوري في حقول الرميلان والهول والجبسة، وتنتج سهولها أكثر من مليون طن من القمح سنوياً وتضم أكبر مصادر المياه والطاقة السورية في سلسلة السدود والبحيرات.

لقد جرى استخدام ابعض الجماعات في الشمال السوري ، ورقة ضغط على الحكومة السورية، في المحصلة؛ يبقى على الأكراد مُقاربة واقعهم ، وخاصة في العراق وسورية ، لأن حاضنتهم هي محيطهم الإقليمي وليست أميركا التي حاولت استخدامهم خنجراً إسرائيلياً لتمزيق الكيانات، ولتبقى الهويات الوطنية السورية والعراقية ضمانة الوجود الكريم للأكراد، فالضمانة الوحيدة لهذه المكونات هي الدولة الوطنية .
كاتب وأكاديمي من العراق

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار