عَالَمُنَا اليَوم.. تَضَخُّمٌ وَجُوعٌ وَأَوبِئَةٌ
هل سيجوع العالم..؟
حروب وأزمات متلاحقة، تغيرات مناخية غير مألوفة، حوادث وكوارث، تضخم وغلاء وشح بالمواد، اقتصادات منهكة وأخرى ستدخل طريق التراجع وربما العجز الكلي.. فماذا فاعلة الحكومات حيال تأمين أساسيات ومتطلبات الشعوب..؟
اليوم بتنا نسمع نداءات علنية من منظمات معنية بمراقبة مؤشرات الغذاء والمنظومة الغذائية عالمياً، بعيداً عما يرشح من جانب بعض الحكومات بأن الأوضاع الاقتصادية ليست مبشرةً على مستويات توافر الغذاء بمستوياته المعهودة، فالخلل سيكون موجوداً، وهذا يؤشر على تضاعف فاتورة تأمينه إن وجد، ويكلف المستهلك أعباء جديدة.
العالم اليوم أمام معضلة كبيرة مكونة من طرفين: الأول التضخم بكل أعبائه وجزئياته، وما تركه على الاقتصادات والأسواق وضعف القوة الشرائية، والثاني: تراجع الكميات الموردة من الغذاء مع تضاعف أسعارها وتكاليف شحنها، الأمر الذي زاد من قوة حدته، ليس فقط تحت مسببات الأزمة الروسية- الأوكرانية، وحالة الحصار والعقوبات من جانب أمريكا على بعض الدول واقتصاداتها.
إن هذه الأزمة كشفت بوضوح أن الأمن الغذائي على مستوى الدول هشٌّ وليس بوضع مطمئن، بل لم يكن بمستوى أي “خضة” إنتاجية أو تسويقية ما، فمع حصول تبدلات على الساحة السياسية والاقتصادية، تكشفت دواخله التي أظهرت مدى الهشاشة المرعبة التي يعيشها، فجاءت النداءات مسرعةً بأن العالم سيمرُّ بجوعٍ وربما تطول سنيُّه.. !
أين البدائل التي عملت عليها الحكومات، أين الاتفاقات وبرامج المنظمات التي تعنى بالأمن الغذائي..؟ وكأن تلك الحكومات كانت ترى حسب أجنداتها أن أوضاع البحبوحة ستبقى دائمة، ولا حاجة للتعب بالبحث عن إيجاد مخارج وبدائل تعزز وقت تعرّض الأمن الغذائي للوهن أو المرض..! فمع تغيرات المناخ وتناقص الكميات المنتجة تعرَّت الخطط وكُشفت العورات..
سيناريو ترجع الإنتاج ليس ببلد معين، بل ببلدان عدة، والأزمة إن استمرت فالإنتاج سيتراجع بالتأكيد، ليعمِّقَ مشكلة سلاسل التوريد التي يواجهها العالم، وتالياً زيادة الضغوط المتصاعدة في ساحة التضخم.. فارتفاع أسعار الحبوب سيزيد بالضرورة تكاليف المعيشة في كل الدول من دون استثناء، إذا ما أضفنا إلى ذلك أسعار الطاقة والخدمات الأخرى التي تواصل الارتفاع يوماً بعد آخر.. !
التغير المناخي، والأزمة الروسية- الأوكرانية، والتقلبات الحاصلة في العالم، إن استمرت فصول هذه الأزمة أشهراً، فالمخاوف بدأت تشير إلى ما لا تحمد عقباه، قد تهدد بدفع عشرات الملايين من البشر إلى انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وربما المجاعة أيضاً.
حريٌّ اليوم بالحكومات، البحث الجدِّي عن طرحٍ وتبني بدائل تخفف من حجم ما قد يحصل في المنظومة الغذائية والإنتاجية، وإن ترسم خططاً تحافظ على المتاح بشتى السبل، فالمتوقع أن تواصل أسعار الغذاء -وأخص هنا القمح- التحليق للأعلى في قادم الأيام لتأثرات إنتاجية وتسويقية حصلت على بعض الساحات لكونها المنبع الأساس لإمدادات القمح..