تأهيل القارئ.!
هل يحتاج أغلب القرّاء لإعادة تأهيل؟ سؤال قد يبدو للوهلة الأولى غريباً بعض الشيء، لكننا لا نعدم منطقيته لو تأملنا إعجابهم بأنماط وقوالب محددة من الكتابة بمختلف أجناسها الأدبية، لكن هي في أغلبها بسيطة الشكل وباتت تقليدية النزعة شكلاً ومضموناً, وما يؤكد ذلك، تعليقات الأصدقاء على صفحات «الفيسبوك» التي تعطي صورة أكثر وضوحاً، بعدم أهلية الكثيرين لمتابعة فن من الفنون، بخاصة فن الشعر, فأول صورة عن القارئ الذي نقصده، تتجسد في سؤاله: هل الديوان الذي ترشحه لي للقراءة، كتاب جميل يستحق القراءة؟ يطلق هذا السؤال من دون أن ينتبه إلى أن ما يعجبني قد لا يعجبه أو العكس، ناهيك بأن ليس هذا هو فقط جدوى القراءة, ومع ذلك سنسمع أحكاماً عجيبة على الكتاب الذي قرؤوه، بأن صاحبه ليس شاعراً، لمجرد أنه مثلاً لا يحب شعر التفعيلة وهو من أنصار قصيدة النثر، أو العكس، برغم أنه على الأغلب قد لا يستطيع معرفة هل النصوص التي ضمها الكتاب موزونة أم لا؟ ولو سألته عن ذلك، سيجيب: لست ناقداً وهذه مهمة من يحترف النقد! إذا لماذا إطلاق الأحكام يا مولانا القارئ, ومن جهة أخرى لا يفوتنا أن نسبة القراءة في عموم الأقطار العربية قليلة جداً، وهي ما تدعم وجهة نظرنا، فأغلب الذين يعدون أنفسهم قرّاءً لا يشترون دواوين الشعر بل ينتظرون نسخة الإهداء أو استعارتها، وهذا ما ساهم في خفض نسبة بيع كتاب الشعر، الذي بات مرذولاً من قبل دور النشر، برغم أن معظم القرّاء يحبون قراءته, ومن دون أن ننسى أيضاً أن تفاقم أزمة القراءة سببها الرئيس اليوم بعد عدم تأصيل فعل القراءة عامة، غلاء المعيشة في الكثير من أقطارنا العربية، وتالياً غلاء أسعار الكتب في الآونة الأخيرة، وخاصة في سورية، حتى ضمن إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب، وإصدارات اتحاد الكتّاب العرب اللتين تدعمان الكتاب وتمنحان حسماً جيداً على سعر غلاف إصداراتهما, فإعادة تأهيل القارئ تحتاج ثلاثة أركان: قدرة شرائية، ورغبة في القراءة المتعمّقة، مع رغبة في رفع مستوى ثقافته في أي جنس أدبي التي لا تزداد نسبتها إلاّ بقراءة الكتب والدراسات النقدية التي تتناول الجنس الأدبي الذي يؤثره، وفي مثالنا الشعر.