مناهج التعليم الحديثة بين النظرية والتطبيق

ثناء عليان:
“مناهج التعليم الحديثة بين النظرية والتطبيق- للمرحلة الابتدائية ـ حلقة أولى أنموذجاً” عنوان المحاضرة التي ألقتها الدكتورة ريان عبد المجيد جلول عضو الهيئة التدريسية في قسم اللغة العربية بجامعة تشرين أشارت فيها إلى أن وزارةُ التربيةِ تسعى إلى تنميةِ القدراتِ العقليةِ والعلميةِ في المرحلةِ التعليميةِ الأساسيةِ بما يتناسبُ مع تقويةِ الشعورِ بالشخصيةِ الذاتيةِ والثقةِ بالنفسِ لدى كلِّ طالب من جهة، ودفْع الحركة العلمية إلى التقدّم ورفعها إلى مصافّ الازدهار العلميِّ والحضاريِّ من جهةٍ أخرى.
وتحدثت جلول عن إجراءات خطة التطوير في الوزارة وأسسها، حيث بينت أن الكتبُ الدراسيةُ اتّسمتِ بالحداثةِ والمرونةِ، مع مراعاةِ مستوى الأبناءِ وخصائصِ نموِّهم العقليِّ والنفسيِّ، وثقافتِهم الاجتماعيةِ؛ فاهتمَّتْ بالأنشطةِ والمهاراتِ التي تسهمُ في بناءِ الشخصيةِ المتكاملةِ من جانبٍ، وعززت دورِ المتعلّمِ الذي يُعدُّ محورَ العمليةِ التعليميةِ من جانبٍ آخرَ، كما عززت دورِ المعلّمِ بوصفِهِ ميسّراً ومرشداً وموجّهاً في العمليةِ التربويةِ يساعدُ الطالبَ على اكتسابِ أكبرِ عددٍ من المهاراتِ، ويهتمُّ بدعمِ ميولِ الطلابِ التي تنسجمُ معَ هذهِ المادةِ أو تلكَ، إضافة إلى التركيزُ على الدورِ المركزيِّ للتلميذِ في تعلّمِ المادةِ بفهمٍ ونشاطٍ بعيداً عن التلقينِ والتلقي السلبيِّ، ولاسيّما في العلومِ والرياضياتِ، واعتمادُ خطواتٍ منهجيةٍ في عرضِ الدرسِ تعتمدُ الاستنتاجَ والملاحظةَ والتفكيرَ والاختبارَ والتواصلَ الشفويَّ، وعرضُها بأسلوبٍ خبريٍّ باعتمادِ ضميرِ المتكلمِ بعيداً عن الأمرِ، مثلِ عباراتِ (ألاحظُ ـ أتواصلُ شفوياًـ أجرّبُ وأستنتجُ ـ أختبرُ نفسي ـ أتفكّرُ) أو (أتعلّمُ ـ أتحدّثُ ـ أتمرّنُ) وأثرِ ذلك في الترغيبِ و زرعِ الثقةِ بالنفسِ بعيداً عن الترهيبِ وما يتبعُهُ من شعورٍ بالخوفِ والقلقِ والتردّدِ وضعفِ الثقةِ أيضاً.
ومن خطة تطوير المناهج –حسب جلول- القيامُ ببعضِ الأنشطةِ التي تساعدُ في التفاعلِ بين التلاميذِ بعدَ اكتسابِ المعلوماتِ، بما يُسهمُ في توضيحِ ما تمّ فهمُه وما لم يُفهمْ من قبلِ بعضِهم، وإيلاءُ مادةِ الفنونِ في كتابِ (التربيةِ الفنيةِ البصريةِ والجماليةِ) دوراً في تطويرِ العقلِ والذهنِ لتنميةِ خيالِ المتعلّمِ وتعريفِهِ بتراثَهُ المحليَّ، إضافة إلى الوصولُ من خلالِ كتابِ (الدراساتِ الاجتماعيةِ) إلى تكوينِ الهويةِ الوطنيةِ، وتعزيزِ الانتماءِ الوطنيِّ تعزيزاً يجعلُ الطالبَ مواطناً متأصّلاً بجذورِ مجتمعِه وتراثِه، وإكسابُ المتعلّمِ المهاراتِ اللغويةَ استماعاً وقراءةً وتحدُّثاً وكتابةً، وتنميةُ ثروتِهِ اللغويةِ بتعلّمِ لغتِهِ العربيةِ الفصيحةِ بيسرٍ وسهولةٍ، وذلك بهدفِ تنميةِ مهاراتِ البحثِ العلميِّ، كما تم إدخالُ اللغةِ الإنكليزيةِ منذُ الصفِّ الأولِ إدخالاً يجاري اللغةَ العربيةَ ويسايرُها في التأسيسِ لها وترسيخِها في أذهانِ التلاميذِ، بما ينمّي قدراتِهِمُ اللغويةَ من جانبٍ، منوهة بدورُ المعلِّمِ في إيصالِ المعلوماتِ، من خلال أسلوبِه وأدائِه، فهو جسرُ اتّصالٍ بين المركزِ الوطنيِّ لتطويرِ المناهجِ التربويةِ والتلاميذِ الذين هم أبناءُ المستقبلِ وأملُ الأمّةِ.
وعن الأداءُ التعليميُّ ومستوياتُ التعليمِ، كشفت جلول تفاوتُ المستوياتِ والقدراتِ الذهنيةِ بين التلاميذِ؛ ولا يخفى ما لهذا من تأثيرٍ سلبيٍّ في مراعاةِ إيصالِ المعلوماتِ إلى الطلابِ جميعِهم على اختلافِ مستوياتِهم، وما يتطلّبُ ذلك من تكرارِ المعلوماتِ للمتلقي البطيءِ تكراراً قد يؤدّي في الوقتِ نفسِه إلى الشعورِ بالمللِ عندَ المتلقي السريعِ.
ولفتت إلى أن المناهجَ الحديثةَ قائمةٌ على تكثيفِ المعلوماتِ، ويحتاجُ ذلكَ إلى الالتزامِ بالدوامِ المدرسيِّ والتقيّدِ بحدودِه حتّى يتسنَّى إعطاءُ المقرّرِ بيسرٍ وشموليةٍ، مشيرة إلى ظاهرةَ الغيابِ المستمرِّ بينَ أبنائِنا الطلبةِ، وتعدد أسبابُه وما له من أثرُ سلبيُّ على تلاميذِ المرحلةِ الابتدائيةِ، من كسلَ وخمولَ، إذ سيمتدُّ هذا التأثيرُ السلبيُّ إلى مستوياتِ التعليمِ، مؤكدة أنّ الحضورَ بعدَ الغيابِ سيؤدّي إلى كثافةِ المعلوماتِ فوقَ الحدِّ الاعتياديِّ.
وأشارت إلى ظاهرةُ الإدمانِ على أجهزةِ “الموبايلِ “الحديثةِ، وسيطرتها على أطفالِـنا وعقولِـنا سيطرةً تتجاوزُ وصفَه بأنّه مجرّدُ جهازٍ نتحكّمُ به ظاهراً، بل أضحى في الحقيقةِ يتحكّمُ بنـا وبأطفالِـنا باطناً، وهذا يحتاجُ إلى وعيٍ من الأهلِ في كيفيةِ استخدامِه ووجهاتِ تأثيراتِه الإيجابيةِ والسلبيةِ، وما يقتضي ذلك من ضبطٍ لسلوكِ الطفلِ في التحكّمِ بالموبايلِ وتنظيمِ وقتِه تنظيماً يجمعُ بينَ برامجِ التعليمِ والمتعة بآنِ معاً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار