لقطات
نضال بشارة
1
حتى الآن لم يقنعنا كتّاب الدراما التلفزيونية لماذا لا تستيقظ يد العدالة إلاّ في نهاية المسلسلات في حين تظل نائمة طوال أحداث العمل، خاصة في محاسبة الفاسدين كما شاهدنا في أكثر من مسلسل، مع أن منطق الحياة ومنطق الدراما يفيدان أن تحاول يد العدالة أكثر من مرة بإلقاء القبض على الفاسدين لكن ولأنهم مهرة في تنفيذ أعمالهم لن يتم القبض عليهم إلاّ حين تتوافر بعض الظروف الموضوعية أوحين يرتكبون خطأ فادحاً يدينهم، فما يعرض، حتى في الأعمال الموجّهة للأطفال لم يعد مقبولاً، فمتى يتنبّه الكتّاب إلى تقليديتهم غير المسوّغة.
2
نقرأ بين حين وآخر عبارة ” الله يرحم المخرج فلان” أو عبارة تمدح مخرجاً آخر، كلما استاء جمهور الدراما التلفزيونية من مستوى المسلسلات التي تُعرض، سواء في موسم رمضان أم خارجه، ونترحم أو نمدح، إشارة لما قدّمه هذا المخرج أو ذاك من مسلسلات، خاضت في الكثير من المسلمات والتقاليد وحاولت أن تفككها بمقاربة درامية ممتعة، لكن هذه العبارة وإن كان يستحقها مخرج أو أكثر فهي تهضم حقوق كتّاب تلك المسلسلات. فأي مخرج قيمته من قيمة الخطابات الفكرية التي يتبناها في الأعمال التي يخرجها، فجهد كتّاب من أمثال: الراحل ممدوح عدوان، أمل حنا، ريم حنا، د. وليد سيف، الثنائي حسن سامي يوسف ونجيب نصير، وغيرهم ممن كتبوا أعمالاً مميزة، هي الأساس وإن كان لمن أخرجها فضل تقديمها بالشكل المتقن والمؤثّر والممتع الذي شاهدناه.
3
غالباً يلقى كتّاب القصة القصيرة سخرية من أنهم لا يجيدون كتابة رواية، تشبه السخرية التي توجّه أيضاً لكتّاب لوحات الدراما التلفزيونية، أو لكتّاب التمثيليات ذات الحلقة الواحدة، توجّه السخرية من جمهور يجهل المقومات الفنية والفكرية لتلك الأعمال، ظناً منه أن كتّابها غير قادرين على إبداعها لعجز في موهبتهم، من دون أن يتنبهوا إلى أن فن القصة القصيرة ليس فناً دونياً بالقياس إلى فن الرواية، ولا هي كذلك لوحات الدراما أو الأعمال ذات الحلقة الواحدة، بالنسبة للمسلسلات. فالتكثيف إنجاز لا يتقنه أي مبدع، والإيهام بأن الثرثرة والحشو إبداع، مبذول لكثيرين، ونسبة الرث فيها عالية يستطيع أن يلاحظها مشاهدون وقرّاء كثيرون. فالمقياس هو جودة الإبداع لا جنسه أو حقله.