محي الدين المحمد
يشير الباحثون إلى أن أزمة الغذاء التي تهدد العالم شبيهة بأزمة الغذاء التي عاشها العالم في عام ٢٠٠٨ من حيث ارتفاع الأسعار ونقص التوريدات من السلة الغذائية للعديد من دول العالم، لكن المواطن السوري قد يرى هذا الكلام غريباً وربما لم يطرق مسامعه في تلك الفترة، فقد كانت الحبوب ومشتقات الألبان والفواكه والزيوت متوافرة و«ع قفا من يشيل» وبأسعار عادية وتتناسب مع دخل المواطن، وبهذا المعنى كان الأمن الغذائي والوفرة ومخازين القمح تكفي سنتين قادمتين «إن أمحلت»، ويتساءل الكثيرون: لماذا أصبحنا نتأثر بصورة مبالغ فيها الآن وتتضاعف أسعار الحبوب ثلاث مرات لدينا بينما لم تتجاوز زيادة الأسعار في دول العالم أكثر من ثلاثين الى أربعين بالمئة؟ وهو محق بهذا السؤال.
إن الحرب الظالمة على سورية التي شاركت فيها أكثر من ثمانين دولة بقيادة أمريكية «من الخلف» كانت تستهدف أمننا الغذائي وأمننا بشكل عام الذي كان يحصن سورية ويجعلها عصية على الضغوط الأمريكية والغربية عموماً .
إن هذه الحرب الظالمة والعقوبات الاقتصادية وسرقة مواردنا من الطاقة والحبوب في الجزيرة هي استمرار للحرب الأمريكية بصورها القذرة التي توضح صورة الأزمات الغذائية في العالم التي حاكتها وعقدتها السياسات الأمريكية في المنطقة وفي العالم، والمؤسف أن هذا الوضع يسير إلى الأسوأ وتجاوزه يتطلب مواجهة مباشرة مع أمريكا و حلفائها الذين يعبثون بأمن العالم، ويحثون الدول المسالمة والمحايدة وخاصة الدول الاسكندنافية على الانضمام إلى حلف الناتو ليس لحمايتها من التهديدات، وإنما لتهديد أمن روسيا والصين وأمن كل الدول التي لا تخضع للاستباحة السياسية والعسكرية والاقتصادية الأمريكية.
إن مواجهة العدوان الأمريكي بالوسائل التي يقرها القانون الدولى ربما ستصبح الخيار الذي لابدّ منه لأن المعركة الآن لم تعد لرفض الاستباحة والهيمنة فقط، وإنما باتت معركة حياة أو موت، وهذا ما يفسّر أيضاً لجوء روسيا للقيام بعملية عسكرية في أوكرانيا، وتلوح باللجوء إلى السلاح النووي أو المواجهة العسكرية المباشرة مع الغرب مع ترجيح أن تعمم قناعات روسيا على كل الدول التي باتت تعاني من حروب «الإبادة غذائياً» التي تشنها أمريكا أو تقودها من الخلف.