إلى “قلب عاشق” تفتح احتفالية اليوم العالمي للمسرح
بالتعاون بين مديرية المسارح والموسيقا – المسرح القومي في حمص وفرع نقابة الفنانين بحمص، بدأت على خشبة قصر الثقافة احتفالية اليوم العالمي للمسرح قبل يوم واحد بسبب كثرة العروض المشاركة بالاحتفالية، افتتحت الاحتفالية بكلمة رئيس النقابة الفنان أمين رومية، وبكلمة لأمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي. وتم تأجيل كلمة اليوم العالمي للمسرح بسبب بدء الفعاليات قبل يوم وسيلقيها اليوم الفنان ” زيناتي قدسية” الذي جرى عرض مسرحيته ” قلب العاشق” أمس، وهي من تأليفه وإخراجه وتمثيله، وبمشاركة مِثَال جمول،( وأفرام الزكيمي، الياس فرهود، فادي زيادة) بدور حراس الإمبراطور. ينطبق على ” قلب عاشق” المقومات الكلاسيكية للعرض المسرحي الذي يفترض أن يتوافر فيه صراع يتم بين الشخصيات لتتأجج الدراما إلى ذروة ونهاية، ومع ذلك لمسنا طيف صراع عاشته شخصية الإمبراطور الذي جسده الفنان قدسية، والذي لم يقبل أن يأخذ قلب امرأة مكافحة وتدرس أكاديمياً في مراحلها العليا الأخيرة، بعد أن اكتشف الأطباء توافقاً طبياً لديها يسمح بنقل قلبها للإمبراطور الذي يشكو من مرض يحتم عليه إجراء مثل هذه العملية. ويأخذنا العرض المسرحي بخيوط تشويقية فيقدم لنا الحكاية التي بدأت بزيارة الإمبراطور لتلك المرأة المكافحة التي تعمل في السكن الجامعي، لتستطيع تأمين مصاريف إكمال دراستها الأكاديمية، ويصر عليها الإمبراطور بالتكتم على زيارته لها ثم يمتحن مقدار حبها له، فتقول له كل من أعرفه يحبك يا مولاي، ولأنها تعاملت معه بصدق وحب يبوح لها بأنه يريد قلبها ليتابع حياته، فلم يخدعها، أي إن الإمبراطور يبادل الحب بالتقدير والاحترام لهذه المرأة التي هي أحد رعاياه. ومنذ بدء العرض المفتتح بدخول عناصر حراسة الإمبرطور لاستطلاع المكان ليلاً يزرع “قدسية” في المشاهد خيوط الإثارة للمتابعة ليكملها باستغراب المرأة وجوده في حرم الجامعة مكان عملها، فتذهب تغيّر لباسها وتعود لاستقباله مجدداً، ما يدفع الإمبراطور للغضب منها، ويطلب أن تبقى على لباسها ذاته، بمعنى عدم التجمّل، أي أن تكون الرعية حقيقية بما تظهر عليه، ولأنه ارتاح في زيارتها وقد اهتمت به بكل جوارحها، يعدها أن يزورها كل ليلة، وعندما حاول أن يقدّم لها طعاماً هدية أرادت أن تأخذ قسماً منها لصديقاتها فيقول لها حتى تتفاخري به أنك كنت معي، فتستنفر عليه وتقول “لا يوجد امرأة شريفة تتباهى بخلوتها مع رجل حتى لو كان مع الإمبراطور، اعتذرْ.. قصدت أعتذر”.
ويتابع الإمبراطور زيارته لها وتتكشف الجوانب الإيجابية في شخصيته كما أراد لها أن تكون مؤلف ومخرج وممثل العرض، الذي أصدر فرماناً بتسفيرها خارج البلاد لتكمل دراستها هناك حتى لا ينال منها الأطباء إن أصيب بوعكة صحية قاتلة فيسلبون قلبها، فترفض السفر، ما يضطره لإعلان رغبته في تتويجها ملكة ويقدم لها تاجاً، توافق بشرط أن تشارك بالحكم فتصدر أمراً بإلغاء فرمان سفرها لضرورة بقاء كل الكوادر العلمية بالبلاد، وتقول للإمبراطور من لا يهتم بالمستقبل غير جدير بمنصبه. فيرضى بهذه التشاركية ثم يكسر الجدار الرابع مخاطباً محمد الحسين منفذ الإضاءة بيا أبا الشمس أعطنا إضاءة احتفال وكذلك للموسيقا ويرقص مع زوجته على الخشبة نزولاً حتى بين جمهور الصالة. وكان العرض جاء بتوشيحات كوميدية أجاد نسجها الفنان قدسية لكنه في عموم الأداء كان ميكانيكاً أكثر منه إحساساً بالكلمة إذ كان ينطق بحواراته بسرعة كرد فعل على حوارات شخصية المرأة التي أصبحت زوجته والتي أجادت في تقديم دورها فيه زميلتنا في مكتب وكالة سانا ” مِثال جمول”، وربما ما وصلنا من أداء الفنان زيناتي هو من تبعات العرض الأول ومن سطوة التوشيحات الجميلة التي تعودنا عليها في عروض المونودراما التي أبهر جميع محبي المسرح بها.
جاء العرض بأقل التكاليف فثمة بؤرة اختارها المخرج هي مكان نشر غسيل الملاءات البيضاء للسكن الجامعي بالقرب من غرفة صغيرة لتلك المرأة، فلم نشاهد في الفضاء المسرحي سوى تلك الملاءات وطاولة وكرسي من بين الإكسسوارات، ولم تتغير سوى أزياء المرأة لضرورات درامية في حين حافظت شخصية الإمبراطور على الحضور بالزي ذاته أيضاً وهو مسوغ درامياً لضرورات التنكر في الحضور، فاللباس الأسود، ستّار كما يقولون في الليل، والألوان الأخرى تفضح. وهذه خيارات ذكية من المخرج وملائمة درامياً للعرض. وبما شاهدنا يفترض أن يكون اسم العرض “قلب عاشق” لا “قلب العاشق” فهي تخص شخصاً محدداً وليس مطلقاً.
بطاقة فنية للعرض: مساعد المخرج: أفرام ديفي. سينوغرافيا: فتحي صالح حسين. الإعداد الموسيقي: رامي درويش. الصوت والموسيقا: حسين عرب. تصميم الإضاءة: محمد حسين. والعرض من إنتاج المسرح القومي دائرة حمص.