ما إن تتكشف حقيقة ممارسات حلف شمال الأطلسي “ناتو” في مكان ما حتى يسرع مباشرة لإزالة قناعه الذي أخفى تحته بعض ملامحه، وليبدو بقناع آخر إخفاءً لملامحه الحقيقية التي تظهر طبيعته العسكرية المتوحشة وسياسته التوسعية الخبيثة التي نشأ عليها أساساً، وحتى تتسنى له إعادة كرّة عدوانيته يعاود ظهوره بلبوس “الإنسانية والسلام” اللذين لا يمت إليهما بتاتاً ولا يعرف منهما إلا استغلالهما لإيقاع البشر في فخ براثنه وأطماعه.
ويراوغ “ناتو” بكامل أعضائه، إذ يقلب طروحاته ومصطلحاته ليتكشف من خلالها ردود الأفعال تجاهها، فما إن تتضح أمامه حتى يقيسها بمقاييسه الخاصة ليبني على أساسها تحركاته العدوانية بالإقدام أو الإحجام، ويساوم ويناور حتى يصل إلى مبتغاه من دون أن يعنيه أي جانب إنساني أو قانون وميثاق وقرار دولي، فكل ما يعنيه هو السعي لتحقيق ما يريد ظناً منه أنه خارج الشرعية الدولية ويتحكم فيها ويوجهها وفق أهوائه، في ظل الأحادية القطبية التي يشكل قوامها الرئيسي، لكن إلى متى سيستمر في غيه؟
كل عضو في “ناتو” يسعى إلى مواجهة روسيا عبر بوابة أوكرانيا أو غيرها، ولاسيما أن الرد الروسي الصارم على تهديد حلفهم لأمن بلاده وللأمن والسلم الدوليين، وضعهم في حيرة من أمرهم، فراحوا يتخبطون في طروحاتهم بإمكانية الرد من عدمه، وفرض حظر جوي وإرسال جنود إلى أوكرانيا، وما إلى ذلك إلى حد وضعهم في دائرة المواجهة المباشرة مع روسيا، فارتدوا عنها إلى حدود ممارسة إرهابهم الاقتصادي والركون إلى أسلوب التدخل غير المباشر في المواجهة مستثمرين تنظيماتهم الإرهابية التي نشروها في كل مكان لتنفذ مخططاتهم القذرة، وتعوضهم عن كل ما يمكن أن تكلفهم أثماناً باهظة لا يقوون عليها أصلاً، بعد أن عرفوا أبعاد زج أنفسهم فيما ليس لهم قدرة عليه، في مواجهة روسيا الساعية لمكافحة إرهابهم ونازيتهم الجديدة ووضع حد لممارساتهم ومخططاتهم العدوانية التوسعية، وصولاً إلى إعادة التوازن الدولي في إطار التعددية بعيداً عن أحاديتهم المقيتة.
موسكو عدّت أي تحرك لـ “ناتو” في أوكرانيا، وأي مساعٍ له ضدها مهما كانت أشكاله وألوانه هو دخول في النزاع وسيقابل برد روسي حازم، وذلك لما لديها من معلومات ومعطيات تثبت تورط “ناتو” بمجمل أعضائه في تهديد أمن روسيا والسلام والاستقرار الدوليين، حيث أعلن الكرملين أن السلطات الروسية ترصد ازدياد تدفق المرتزقة من عدة دول إلى أوكرانيا بينهم إرهابيون قاتلوا في سورية، بينما أكدت الاستخبارات الروسية أن قاعدة التنف الخاضعة لسيطرة قوات الاحتلال الأمريكي في سورية شهدت إعداد وتدريب إرهابيين تابعين لتنظيم “داعش”، وأن النظام التركي بالتعاون مع سلطة أوكرانيا يفعل الشيء ذاته مع تنظيمات إرهابية تابعة له من أجل نقل إرهابييهم إلى أوكرانيا واستخدامهم في دونباس.
فإلى متى سيبقى “ناتو” يخدع العالم عبر تضليله ونفاقه بشأن حقيقة ممارساته الإجرامية ومخططاته العدوانية التوسعية التي تنذر بحرب عالمية لا تبقي ولا تذر إن لم يتم وضع حد له ولإرهابه المهدد أصلاً للأمن والاستقرار في العالم؟!.