قفزات متلاحقة للأسعار… ودعوات لإجراءات قسرية لضبط السوق
أثارت الأزمة الروسية – الأوكرانية هلعاً في أسواقنا وبين طرفي السوق من تجار ومواطنين، ما انعكس على أسعار معظم المواد التي قفزت بشكل سريع وكبير بين ليلة وضحاها إن لم نقل بين ساعة وأخرى، وحسب أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة فإن شكاوى عديدة ترد من تجار المفرق حول ارتفاع الأسعار بين ليلة وضحاها، فمثلاً ارتفع سعر صفيحة الزيت النباتي والسمن عن يوم أمس بمقدار 10 آلاف ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة للبقوليات والرز والمواد الغذائية التي تشهد ارتفاعاً لحظياً، والسبب الرئيسي في ذلك هو خوف التجار من فقدان المواد أو انخفاض توريدها واستيرادها، الأمر الذي يؤدي إلى عدم عرضهم سلعهم بالشكل المطلوب الذي يلاقي الطلب، حيث يوجد تقنين في إخراج المواد إلى الأسواق أملاً بارتفاع أسعارها أو خوفاً من تكبدهم خسائر.
وأضاف حبزة في تصريحه لـ«تشرين»: لا يوجد سبب داخلي حالياً لارتفاع الأسعار، فهناك أسباب قديمة متمثلة في شح الموافقات على طلبات الاستيراد والإجراءات المتخذة في عمليات التخليص الجمركي وتطبيق قرار مصرف سورية المركزي رقم 1070 الخاص بإيداع قيمة المستوردات لدى شركات الصرافة وتأخر هذه الشركات في تسديد قيمة المستوردات، الأمر الذي سبب إحجام الشركات الموردة عن إرسال البضائع، وهذا الأمر مضى عليه أشهر، كما أن السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار اليوم هو التغيرات الإقليمية والدولية وارتفاع أجور الشحن والتخليص الجمركي والتأمين، وبالتالي فالإجراءات الاحترازية غير المبررة للتجار هي السبب الأهم.
وطلب حبزة أن يتم التشديد على انسيابية المواد عبر الحوار مع التجار أولاً وفي حال عدم الاستجابة يجب اتخاذ إجراءات قسرية بما فيه خدمة المواطن، كما يجب تخفيف قيود القرار 1070 سابق الذكر وإلزام شركات الصرافة بتسديد قيمة المستوردات إلى الشركات الموردة من دون تأخير وتغريمهم بفوائد التأخير في حال عدم التزامهم بذلك، كما يمكن في ظل الظروف الراهنة التغاضي عن موضوع التمييز بين التاجر الحقيقي والوهمي لتأمين حاجاتنا من المواد شريطة استيفاء الرسوم والضرائب على المواد المستوردة.
من جهته قال الخبير المصرفي عامر شهدا لـ«تشرين»: إن ارتفاع الأسعار أمر متوقع ولن تستطيع الجهات المعنية دعم الأسعار مهما فعلت واتخذت من إجراءات، إلا إذا كانت الإجراءات تستهدف المواد ذات الإنتاج المحلي لاسيما الصناعات التحويلية التي تعتمد على منتجاتنا الزراعية المحلية، أما أي سلعة خاضعة لاستيراد أو حتى المنتجات التي يتم استيراد موادها الأولية من الخارج فإن ذلك لن يجدي نفعاً بسبب الارتفاع العالمي في أجور الشحن والمشتقات النفطية، وإذا كان الهدف من التدخل التأثير في الأسعار فهذا سيزيد من عجز الموازنة وبالتالي لن نتمكن من حصاد آثار القرارات الأخيرة المتعلقة بالدعم وخاصة مع شح الموارد المخصصة للقيام بمشروعات استثمارية ذات جدوى اقتصادية، حيث إن معظم الإنفاق الحكومي يتجه نحو الإنفاق الإداري الجاري.
وبين شهدا أننا حالياً في مأزق ناتج عن تراكمات المشكلات الاقتصادية منذ عام 2011 وحتى الآن مع غياب وجود طروحات أو أفكار تصلح لحل هذا المأزق.
واقترح شهدا تأمين موارد قطع أجنبي تدعم الاستيراد بأسعار قطع رخيصة من خلال إنشاء صندوق لتمويل المستوردات يدعم من خلاله سعر القطع الأجنبي، ويمول هذا الصندوق من مخصصات دعم الصادرات والكتلة النقدية المخصصة لدعم أسعار الفوائد، وفرض رسوم على العمولات المصرفية لتذهب إلى هذا الصندوق، وهذا سيؤدي إلى دعم سعر القطع المخصص للاستيراد وتخفيف عجز الموازنة المتوقع، وبالتالي تتحكم الحكومة في أسعار المستهلك على اعتبار أنها مولت الاستيراد بقطع مدعوم وبسعر أقل من السعر الحالي وفي هذه الحالة ستنخفض تكاليف الاستيراد وبالتالي الأسعار.