المؤامرة التي تديرها أكثر دوائر المال إجراماً ووحشية على سورية العربية لم تحقق أهدافها المرسومة في النيل من صمود الشعب العربي السوري وقواه الوطنية والتقدمية وجيشه الباسل الذي لا يزال يسطر أروع ملاحم البطولة والفداء في صد الهجمة الأمريكية- الأردوغانية- الصهيونية التي ولّت الأدبار نتيجة الضربات الموجعة من الجيش العربي السوري.
وإلى جانب هذا الصمود السوري الذي أذهل القاصي والداني كانت الدبلوماسية السورية لها الباع الطويل في رسم خريطة التصدي للمشروع الأمريكي الذي يروم احتلال الأرض السورية بالقوة ونهب ثروات الشعب السوري وتدمير منجزاته التي بناها بعرق جبينه، والسماح للعدو الصهيوني بضرب المعالم الحضارية، إلى جانب تواجد الاحتلال التركي عبر نهر الفرات والذي دمر الزرع والضرع والحجر، وهو احتلال جبان لجزء من أراضي دولة ذات سيادة كاملة، ورغم هذا التمادي الأمريكي- التركي، فقد كان للدبلوماسية السورية الإنجاز الكبير في التصدي للمؤامرات الأميركية – التركية وفضح أكاذيبها وادعاءاتها، ودحر ماكينتها الإعلامية التي تريد تجزئة سورية أرضاً وشعباً، وفضح الطرق السياسية الملتوية وأكاذيب وكالة المخابرات الأمريكية التي أرادت تزييف ما يجري في سورية من أحداث مفبركة لا يقبلها أي عاقل في العالم، وكانت قوة الدولة السورية أكبر عامل لإيقاف التمادي الأمريكي وعملائه الذين يرومون تدمير البلاد والعباد في أكبر مؤامرة على الأمة بعد احتلال العراق عام 2003 من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
والحقيقة التي يمكن ذكرها أن الدبلوماسية السورية تخطت خطاب المشروع الأمريكي وفضحت نيّاته العدوانية وتخبطه في الهيمنة على مقدرات الشعوب المحبة للحرية والسلام، واستطاعت هذه الدبلوماسية أن تجد لها مكاناً لائقاً ومرموقاً في كل دول العالم على أنها (فن الإقناع السياسي) عكس النهج السياسي الغوغائي الأمريكي الذي لا يجد في فن الإقناع السياسي غير التسلط والهيمنة والكذب والرياء والنفاق السياسي، ومع قناعة العالم بأن الدبلوماسية السورية حققت انتصاراً في فضح نيات أمريكا وحلفائها في جميع المحافل الدولية فإن سورية لازالت تحقق تفوقاً باهراً في إقناع شعوب العالم بكل ثقة ومصداقية وعنفوان، أنها ليست بيعة لأمريكا ولا لغيرها فالتاريخ السياسي والثقافي والعلمي والحضاري كفيل أن يخلد وجود السوريين قبل سبعة آلاف عام قبل الميلاد، وهذا هو جوهر الدبلوماسية السورية التي أوقفت المد الأمريكي- التركي- الصهيوني وذيول الحركات التكفيرية التي انهزمت شر هزيمة.
ويمكن لنا أن نلخص مقومات نجاح الدبلوماسية السورية تجاه المشروع الأمريكي الجديد بالآتي:
1- حققت الدبلوماسية السورية نجاحاً ملحوظاً في فضح النيات السياسية الأمريكية التي نظمها مشروع الشرق الأوسط الكبير، بالمواجهة المبدئية الوطنية والقومية واستخدمت فن الإقناع في جميع المعارك السياسية بعيداً عن الخطاب الأمريكي.
2- كانت قوة الدولة السورية وحصانتها وتكاتف أبنائها عوامل أساسية في كافة المجالات ما أربك المشروع الأمريكي التوسعي وشلّ حركته، وراح هذا المشروع يراوح في مكانه، أي لم يحقق متطلبات وجوده أمام شعوب العالم.
3- الصمود السوري الأسطوري أمام التدخلات الأجنبية كان عاملاً مهماً في صنع الانتصار السوري دبلوماسياً وعسكرياً وشعبياً ما أوقف تحركات جميع المشاريع الهادفة للنيل من سورية وشعبها، وبذلك استطاعت أن تمسك بزمام فرص التسوية السياسية بطرد المحتلين من أرضها ما جعل دول العالم تغير من مواقفها نتيجة لدور سورية وثباتها المبدئي الحق، وجعل جميع الشرفاء في العالم يقولون كلمتهم الفصل تجاه الهيمنة والتدخلات الأمريكية والأردوغانية بأنها لا شرعية ولا قانونية، ولن تمت بصلة للأعراف الدولية.
وهكذا نجد أن التحول الذي يحدث اليوم حول سورية هو تحول صنعته الإرادة السورية بثباتها المبدئي في الدفاع عن سيادة الوطن وطرد الغزاة، لتلوح فرص التسوية السياسية رغماً عن أمريكا وعملائها في المنطقة.
كاتب من العراق