دراما «بالمصادفة»!
تتعدد وجهات النظر في إمكانية بناء عمل درامي ناجح استناداً إلى « حدث واحد»، ولنتفق على أن النجاح هنا مرادفٌ للمتابعة التي يحققها مسلسلٌ ما، لكن ماذا لو كان «الحدث» إياه آيلاً للسقوط أصلاً؟، بمعنى أن عدم حدوثه هو الأكثر منطقية، وهو ما بُنيت عليه أعمال درامية عديدة من النمط المشترك أو المأخوذ عن مسلسلات أجنبية أُعيد إنتاجها عربياً.
يتكئ عددٌ لا بأس من تلك الأعمال على المصادفة المُستهجنة، وكأنّ كتّابها يتجاهلون كمَّ السذاجة والسطحية في قوامها، يريدون إقناع الجمهور بما لا يُمكن له أن يُحصل كما في مسلسل « ع الحلوة والمرة » إخراج فكرت قاضي، سيناريو وحوار لبنى مشلّح ومي حايك، والذي يُعرض حالياً على احدى القنوات العربية، وفيه تشرف « فرح» على زفاف عريسها السابق «ريان» من «لانا»، وهي ابنة السيدة التي تعمل «فرح» في شركتها لتنظيم الحفلات، من دون أن تعلم العروس الجديدة أو والدتها وبقية الشخصيات بأن «فرح» و«ريان» كانا على وشك الزواج قبل أن يختفي الأخير ويسافر إلى لندن.
في الحبكة الواهنة، لا شيء منطقياً أو مقبولاً.. أحداث افتراضية وردّات فعل غير مقنعة، يجتهد الممثلون للنهوض بالضعف الذي تقوم عليه الحكاية والسيناريوهات في مزيج غير ناضج من الكوميديا المفتعلة ومواجهات العتب والخذلان، ليأتي السؤال البدهي؛ لماذا تقبل «فرح» بتنظيم زفاف حبيبها السابق منذ البداية، ألا يُمكن لها أن تعتذر ببساطة لتوكل المهمة إلى غيرها في شركة تضم عشرات الموظفين؟، كيف يلتقي الحبيبان السابقان في غرفة برّاد للمواد الغذائية، ثم يسافران ويعملان معاً من دون أن يُثير ذلك انتباه أحدٍ من المقرّبين؟.
كانت شركة الإنتاج الأجنبية صاحبة العمل الأصلي، وهو بعنوان «في السراء والضراء» أوقفت عرضه بعد عدة حلقات بسبب تدني نسبة المشاهدة بموازاة أعمال منافسة، من دون توضيحات كافية، لكن ما يعنينا هنا هو استسهال التعاطي مع الجمهور في منطقتنا بتقديم مُنتج يستخف بالعقول ولا يُعطي قيمة لقدرة المُشاهد على التقييم وملاحظة «القوة» اللازمة لبناء تصاعد مقبول للأحداث عن سابق إصرار وتصميم، أقلّها ألا تكون الدراما قائمة على مصادفة هشّة.