“الإنسانيّة” كمهرب أمريكي
التبجح بالإنسانيّة من واشنطن، يعني فيما يعنيه كلّ شيء عدا ما يخدم الإنسانيّة، بل إنه يخدم الإرهاب والمرتزقة، ويزيد من معاناة الشعوب، جوعاً وفقراً وقهراً.
الانتصارات والإنجازات التي حققتها وتحققها القوى اليمنية ميدانياً، دفعت واشنطن لرفع عقيرتها والتحدث “بإنسانية” فهرولت كعادتها نحو الملف الإنساني عبر دعوتها إلى فتح “ممرات آمنة” لليمنيين وتسهيل وصول “المساعدات المنقذة” للحياة والجرحى!.
طالما كانت المعايير الإنسانيّة شمّاعة واشنطن ووسيلتها لإبقاء الملفات الساخنة عالقةً بلا حلول، حتى يحين الوقت الذي تراه مناسباً ولها غاياتها الخفية دائماً، ففي اليمن اليوم، بات واضحاً أن واشنطن لا تسعى من وراء الحلول إلا لإنقاذ حليفها السعودي ولاسيما أن عدوانه على اليمن ارتدّ عليه، وكان أكبر صفعة يتلقاها، لذلك تبحث الولايات المتحدة بين الفينة والأخرى عن معرقلات توقف التقدم اليمني أو تبثّ الفوضى حوله، لتغيّيب الحقائق الميدانية، ولتغيّيب الهزيمة المُذلة للسعودية.
المحاولات الأمريكية الأخيرة ترمي واشنطن من ورائها إلى إعادة تسعير الميدان ولو فترةً وجيزةً تحقق السعودية خلالها إنجازاً ما، فـ”الممرات الإنسانيّة” أضحت في العرف الأمريكي تثبيتاً للوضع الراهن عند النقطة التي انتهى إليها الميدان، ومن ثم إعادة بثّ الحياة في أدوات العدوان على الأرض والعودة إلى جولة معارك جديدة كاستراتيجية أمريكية متبعة، تعد اليوم حاجة ملحّة، ولاسيما أن محافظة مأرب بثروتها النفطية باتت في متناول يد القوى اليمنية، وهنا مكمن القصة.
لو كانت أمريكا تريد حلاً أو حريصة على “الإنسانيّة” كما تدعي، لما كان العدوان السعودي على اليمن، ولما استمرّ وتعنّت بالحصار والظلم مسبباً أسوأ كارثة إنسانيّة في العصر الحديث.. كارثة ترقى لجريمة حرب، إنما موضوع “الممرات الإنسانيّة” هو لإعادة تسليح الإرهابيين والمرتزقة وتقديم الدعم المادي واللوجستي لهم، وهذا الحال عايشناه خلال الحرب الكونية على سورية، ففي كل مرة كانت واشنطن وحلفاؤها يتباكون على “الوضع الإنساني” في سورية كانوا يدعون لإقامة “ممرات إنسانيّة” لتكون في حقيقتها غطاء لتقديم المزيد من الدعم للإرهابيين.
المناورات الأمريكية لن تتوقف عند حدّ، فمصالح واشنطن السّياسيّة والاقتصادية أولاً وتعلو وتتفوّق في أهميتها على “إنسانيتهم” المزعومة.