«تجار» التعليم ..!
يبدأ اليوم العام الدراسي الجديد ويعود 3.6 ملايين من أبنائنا إلى مقاعدهم الدراسية مشحوذين بالهمم ليبنوا مستقبلهم ويساهموا في وضع وطنهم حيث يجب أن يكون شامخاً آمناً مكتفياً، وليبلسموا الجراح التي ألحقتها به قوى البغي العالمي وأدواتها من الإرهابيين.
وزارة التربية ومديرياتها أعلنت عن إتمام الاستعدادات وتأمين كل ما تحتاجه العملية التربوية من تجهيزات وكتب ومحروقات وكوادر تعليمية, وما يلزم من إجراءات صحية للوقاية من جائحة كورونا، وهذا أمر يؤكد على اهتمام الدولة بمستقبل طلابنا واستعدادها لبذل الغالي والنفيس لتأمين مستقبلهم برغم قسوة الظروف وضعف الإمكانات.
ومن المؤكد أنّ أهالي الطلاب ممن اتجهوا نحو المدارس الخاصة يدركون حجم ما تنفقه الدولة لضمان حسن سير العملية التربوية، برغم أن مستويات التعليم في معظم مدارس القطاع الخاص لا يمكن أن تقارب أو تزيد عما هو موجود في قطاعنا العام باستثناء بعض الأنشطة الترفيهية و«البرستيج» الذي أصبح دارجاً هذه الأيام للتباهي بدفع المبالغ الطائلة التي تكفي عشرات العائلات للطلاب في المدارس العامة.
وهنا لا بدّ من الإشادة بجهود العاملين في السلك التربوي الذين يقدمون أفضل ما لديهم منطلقين من ضميرهم وحسهم الوطني بأن واجبهم تنشئة جيل واعٍ متعلم يسهم في بناء الوطن وتحصينه في الحاضر والمستقبل.
وفي المقابل فإن الجميع مدعوون للتفكير جيداً في تأمين احتياجات العاملين في السلك التربوي المادية من خلال رفع تعويضاتهم, ورد جزء يسير مما يبذلونه أثناء عملهم، بشكل يحثهم على زيادة الاهتمام للقيام بواجباتهم من دون أن يشغلهم عنها التفكير بالأعباء المادية في ظل الظروف الحالية.
كما يجب أن نعيد للعملية التربوية ألقها الذي بدأ بالانحسار نتيجة دخول الجانب المادي إليها واتجاه الكثير من أهالي الطلاب إلى الاقتناع بأن الشهادات يمكن شراؤها بمقابل مادي واستغلال الكثير من «تجار» التعليم لهذا النمط من التفكير لزيادة أرباحهم على حساب المنتج المفروض خروجه من مؤسساتنا التعليمية وهو إنسان متكامل تعليمياً وأخلاقياً، واعٍ لما حوله ومستعد للمساهمة في بناء مجتمعه وتحقيق قيمة مضافة لوطنه.
وأخير نتوجه إلى ملايين الطلاب ومئات الآلاف من العاملين في العملية التعليمية بالتهاني بانطلاق العام الدراسي الجديد.. وكل عام وأنتم بخير.