هل تكفي الإرادة القوية للتغلب على الفشل..؟
منذ الصغر نرسم أحلامنا ونأمل في أن تتحقق، لكن عقبة الخوف من الفشل تقف عائقاً وتحول دون تحقيق الأشياء التي قد رسمناها سابقاً.
همام طالب جامعي تخرج منذ فترة ليبدأ بتحقيق حلمه وفتح مشروع خاص به، ولكن في كل لحظة يقرر فيها أن يبدأ بخطوة يتراجع إلى الخلف عدة خطوات “خوفاً” من الفشل، وكل مرة يتردد قبل البدء يقول همام: الخوف يرافقني دائماً ويجعلني أشعر بأنني سوف أفشل، فالخوف من عدم تحقيق حلمي يقف عقبة في طريقي لأن الفشل يقتل أحلامي وطموحاتي.
د. منى كشيك رئيسة قسم أصول التربية – كلية التربية – بجامعة دمشق قالت: في البداية لابد من معرفة أن الطموح ذلك الشيء الذي يعطي للإنسان القوة والدافع لتحقيق الأحلام والأهداف، سواء أكانت علمية عملية شخصية وغير ذلك، حيث يمكن أن يخطط الإنسان لانجاز عمل ما ولكن لا يمتلك القدرة على تحقيقه، وهنا يأتي دور الطموح الذي يعمل على تجديد طاقة الإنسان، ويجعله ينظر إلى عوامل النجاح، و يخلق الإحساس بالمعنى الحقيقي للطموح الذي قد يكون له أنواع:
– الطموح العاطفي في الحياة الشخصية، الطموح المادي لتحقيق المشاريع وكسب المال، الطموح العملي في الوصول إلى أعلى المراكز والمناصب أو المراتب العلمية، وطموح سلطوي وهو سيطرة على كل شيء من حول الإنسان.
وفيما إذا كان الفشل يقتل الطموح أجابت د.كشيك: برأيي نعم إذا لم يكن هناك من يقوم بتعزيز القوة والمساندة للشخص الطموح، فالإرادة والتصميم هي من تعطي الفرد الطاقة الايجابية لتجاوز كل العقبات والمشكلات، لذلك من الضروري أن يمتلك الإنسان الطموح والعديد من الآليات لتفادي الفشل، وتوفير البيئة المناسبة لمساعدة الفرد على تحقيق طموحاته، لذلك من الضروري أن يحتاج لينقذ نفسه من الفشل ويقترب من النجاح للآليات:
– امتلاك روح التحدي المستمر لذاته وأن يكون مصمماً على ما تم التخطيط له بثبات، ويتم ذلك من خلال التفكير الايجابي مع كل ما يحدث لطموحات الفرد ذهنياً وعملياً، ووضع الخطط المناسبة والبدائل الإستراتيجية الفعالة للتعامل مع كل العقبات والمشاكل التي تواجهه.
– المضي بخطى ثابتة نحو الطموح، فالفرد الذي يمتلك روح التجديد يستطيع أن يواجه المشكلات والأزمات التي تعترض طريقه وهو منشغل بطموحاته، فتحدي الفرد يمنحه الحماسة التي تدفعه للمواجهة برغبة قوية، وبنفس كفاحه الطويل، بالمقابل نجد الفاقد لروح التحدي سريع الانهزام. – عدم الانجراف وراء المثبطات لأن عدم الأخذ بالأسباب من أكبر ما يضعف الحماس، ويمنع الفرد من تحقيق مراده، فالطموح يكون عرضة للإعطاب، حين ينخفض العزم في النفس، وتنعدم الإرادة والمبادرة ولا سيما أن العقل يصبح خاملاً، ولا شيء يورث الأفكار المثبطة أكثر من فقدان الثقة بالنفس، وحمل التفكير البشري لتلك الأفكار والانسياق وراءها من أشد ما يفشل طموحات الفرد.
– تنمية قوة الإصرار والعزيمة، فقد تتوافر القوة مع الإصرار والعزيمة، ولكنها معطلة، وإن قمنا باستخدامها ولم يظهر مفعولها عند الفرد عملياً، ولا يلاحظ أثرها واقعيا إما لضعف مخزونها، أو لقلة فعاليتها، لهذا فهي تحتاج للتنمية باستمرار، فالأمر يتطلب العمل الجاد للوصول إلى طموحات الفرد، وإذا كان عنده القوة والعزيمة لتحقيق تلك الطموحات ستتوفر لديه الوسائل لتحقيق النجاح.
فتنمية قوة الإصرار والعزيمة لا تحتاج إلى المال أو الإمكانات المادية، بل إلى الرغبة الجامحة التي ترفع من قدرات الفرد على الفعل، بعيداً عن الانفعال العاطفي الذي يعرقل الخطط المنهجية الضرورية لبلوغ طموحاته.
– رفع سقف التوقعات عالياً، وهذا أمر ضروري للتحفيز الذاتي لكي يكثر العمل المنجز، ولتقديم جهد مضاعف مع عدم إغفال نقطة مهمة، وهي أن تلك التوقعات تبقى مجرد احتمالات منتظرة التحقيق والترجمة الواقعية، وقد لا يحدث شيء منها، لذلك يجب ألا نجعل عدم تحقيقها صدمة، لأنها سوف تفيد الفرد في تحسين العملية الذهنية، والمخرجات العملية في الممارسة التطبيقية.
– وضع اسوأ السيناريوهات في الحسبان ويعني ذلك أن يأخذ الفرد عنصر المفاجأة، فالشخص الذي يكون لديه طموح لا يصدمه شيء يعني إمكانية حدوث، أي تدهور في وضع طموح الفرد، وهذا من الاستراتيجيات الضرورية، والإجراءات المتبعة لإدارة الطموحات برسم السيناريوهات، ولما يمكن أن يحدث لها، فالفعل على تحقيق طموحات الفرد من دون أي تخطيط محكم سيجعله يصادف أموراً صادمة غير متوقعة.
– الابتعاد الجذري عن التقاليد، فلكي تنجح طموحات الفرد وحتى لا يقع في مصيدة (تقليد الآخرين) الذي يبعد الفرد عن تحقيق رؤى وتطلعات خاصة لا تشبه غيرها، فسيطرة التقليد في أغلب الطموحات تدعو للقلق، حتى وإن اختلفت درجة التقليد، فتكرار نفس النجاح لا يقتضي إعادته، لأنه يصبح من دون فائدة تذكر على الفرد، ويصبح طموحه أقرب إلى الفشل، لذا ينبغي على الشخص الابتعاد عن تقليد الآخرين، من خلال العمل الخاص به والذي يعبر عن شخصيته، ليكون قادراً على بناء وإنجاح طموحاته المتميزة والفريدة مع السعي الدؤوب للإبداع والتميز.