«من شهد منكم الشهر» !؟

(كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به) حديث قدسي .. عن الله جل جلاله حول ثواب الصيام وأن هدية وأجر الصيام والثواب ماعدا فوائده النفسية والصحية والإيمانية ستكون من عطاء رب العالمين للصائم والله يجزي به .
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ..}: ويقول العلماء في تفسير الآيات الكريمة :إن الصائم يصير له بفضل صيامه وهو عمل يقصد به تعظيم حضرة الله تعالى وتقديره.. النور وصفاء الفكر والقلب ليحمل معاني الكتاب المقدَّس القرآن في نفسه ويهتدي بأنوارها.
فإن صمت فيه حقّاً استنرتَ وشاهدت الحقَّ فميَّزت الخير من الشر، عندها تسمع كلام الخالق العظيم فتهتدي.
{..وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ..}: أي بقربك من الله تعالى يتبيَّن لك الخير من الشر، وهل تحسب هذا التمييز بين الخير والشر هيِّناً وهو ما عجزت عن بلوغه حكماء الإغريق والرومان والعرب قاطبة في فلسفاتهم الكبرى!. عندها تغدو وكلك خير لنفسك وللخلْق كافَّة.
{.. وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: فمن صام من المؤمنين حقّاً (وكان قبل الإيمان أعمى القلب) تفتَّحت بصيرته وأضحى من أهل القلوب، (وذرَّة من أعمال أهل القلوب تعادل عمل الثقلين).
ومن صام ونال ليلة القدْر.. فان كان مريض القلب وربَّما الجسم فصحَّت نفسه ثم يرفل جسمه بثياب العافية من كلِّ داء؛ ثم مع انتهاء الشهر الفضيل يكبِّر الله على ما هداه وذلك التكبير بصلاة العيد لا تكبيراً لفظيّاً صوريّاً فقط، بل قلبياً شهوديّاً حمداً لله على ما أسداه من عميم الفضل والإكرام، بعد أن غدت نفسه أهلاً لأن تشكر فتهدي البشرية إلى ما تصبو إليه من السعادة والغبطة الأبدية، إلى بارئها مبدع كل حسن وجمال وجلال.
تلك حقيقة الصيام الذي به ينال المؤمن شهادة التقوى، أي الاستنارة الدائمية بنور الله وتلك أقصى غاية المنى.
فمن شهد منكم الشهر فليصمه ، ولا يحرم نفسه من أنواره وبركاته إلا بعذر .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار