هل يؤثر فارق الأعمار في الصداقة؟
الاهتمام بالصداقة ليس وليد أيامنا المعاصرة، بل هو اهتمام عريق نظراً للمكانة الرفيعة التي شغلتها بوصفها قيمة إنسانية عظيمة الأثر في حياة الفرد والمجتمع.
سامر طالب جامعي يعترف بالفوارق العمرية في الصداقة، لإيمانه بأنها تجول في عقول الآخرين، لتبادل واكتساب خبرات وثقافات جديدة ومتنوعة، مشيراً إلى أن له صداقات من أعمار مختلفة فيها من هم أكبر أو أصغر منه سناً، ودائماً يضيفون إليه الكثير من الخبرات في مجالات مختلفة، والتي يكتشف أحياناً أنه لا يعرف عنها أي معلومات .
أما محمد الطالب في المرحلة الثانوية فيرفض إقامة أي نوع من الصداقة مع من يكبره في العمر، لإيمانه باختلاف التكوين الثقافي والفكري ولا يمكن لهما أن يتفقا، مشيراً إلى أنه كان شاهداً على علاقة صداقة أحد طرفيها يكبر الآخر أكثر من اثنتي عشرة سنة سرعان ما انتهت بسبب اختلاف الأفكار بينهما .
وذكرت هديل أم ولدين أنها لا تجد للعمر أهمية، في حال وجود الارتياح النفسي والانسجام، مشيرة إلى أن الفارق أحياناً يكون في مصلحة تلك الصداقة، لأن كلاهما سيستفيد من تجارب وخبرات الآخر، وإنّ ما يسمو بتلك العلاقة هو مدى الصدق في المحبة والثقة المتبادلة، وكذلك قدرة الصديق على فهم الطرف الآخر والشعور به، وتقدير ما يمر به من ظروف مختلفة.
ومن وجهة نظر مايا أنه من الجميل أن تكون صديقتها قريبة من عمرها حيث يكون هناك تبادل كبير في فهم مشاعر ومشاكل بعضهن، لأن أغلب الأشياء ستكون متقاربة بينهن، مبررة أنه لا يمنع أن تصادق من هي أكبر منها أو أصغر… موضحة أنها قد تصبح بحاجة إلى من هو أكبر منها لمساعدتها في قضية أو قصة معينة، وتريد من لديه خبرة في الحياة قائلة : مررت بتجربة حين كنت في السادسة عشرة من عمري، وكنت محتاجة لأحد يسمعني وينصحني، ماذا أفعل حيث كانت خالتي صديقتي على الرغم من فارق العمر بيننا، ولكن لديها خبرة وقدرة على حلّ تلك المشكلة، ومن هنا آمنت بأن الصداقة لا يحكمها سن معين أو علاقة معينة.
د. منى كشيك كلية التربية جامعة دمشق بيّنت أن الصداقة هي التقاء نفسي وفكري يربط بين الأشخاص ويوحّد المشاعر والعواطف بينهم، وغالباً ما نعرف أصدقاء من أعمار متقاربة، إن لم تكن من عمر واحد، إلا أن بعض الأصدقاء يلفتون النظر إليهم، و يثيرون إعجاب محيطهم الاجتماعي، حينما تجمعهم علاقة صداقة بمن هم أكبر أو أصغر منهم بأعوام عديدة، إذ يعدون البناء الحقيقي لتلك العلاقة يرتكز على النضج وعقلانية أطرافها، ومدى توافقهما في مختلف الاهتمامات والأفكار من دون الالتفات لمسألة الفارق العمري بينهما «قد يلتقون في اهتمامات مشتركة لعبة الشطرنج على سبيل المثال»، ولا يشترط فيها التقارب العمري، فالصديق المخلص هو الذي يصدق معه في نصحه والتضحية من أجله، والوقوف معه في السراء والضراء بغض النظر عن فارق العمر، حيث كانت هناك نماذج عديدة في محيطنا لأصدقاء جمعت بينهم روابط قوية وتوافق قيمي وأخلاقي وسلوكي، وكذلك تبادل ثقافات ونصائح في أرقى صورها، لأن معنى الصداقة الحقيقي هو التجول في عقول الآخرين وتبادل واكتساب خبرات وثقافات جديدة متنوعة، من هنا يمكن القول؛ إن الفارق العمري لا يؤثر في تكون صداقات.