استمرار الاعتداء على حقوق الإنسان وسيادة القانون في تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان الذي يقود “حزب العدالة والتنمية” الذي يتمتع بأغلبية برلمانية تمكنه من تعزيز الحكم الاستبدادي من خلال تمرير تشريعات تتعارض مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، ولا تزال أحزاب المعارضة مهمشة في ظل حكومة أردوغان، التي أعادت تشكيل المؤسسات العامة ومؤسسات الدولة لإزالة الضوابط على السلطة وضمان الفوائد لمؤيديها، هذا ما نشره موقع “الدراسات الإستراتيجية” العالمي في مقال تحليلي جاء فيه:
يُعد التدخل التنفيذي في القضاء وقرارات النيابة العامة من المشاكل الراسخة في تركيا، وهو ما ينعكس في ممارسات السلطات المنهجية المتمثلة في الاحتجاز، والملاحقة القضائية، وإدانة الأفراد الذين تعتبرهم حكومة أردوغان منتقدين أو معارضين سياسيين، وملاحقتهم قضائياً، وإدانتهم بتهم إرهابية زائفة، ومن بين المستهدفين صحفيون وسياسيون معارضون ونشطاء.
إن التدهور الذي تعيشه تركيا بشأن حقوق الإنسان فيها جعل الاتحاد الأوروبي يتحرك لوضع حد لهذه المسألة، حيث قرر وضع أنقرة تحت المراقبة حتى حزيران تعبيراً عن رفضه لتدهور الحقوق والحريات رغم وعود أردوغان بتحسين وضع الحريات في بلاده، هذا ما جعل تركيا تتعثر في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.
ويرى محللون أن علاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي توترت بسبب سياسات أردوغان في شرق البحر الأبيض المتوسط بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها والوصول إلى احتياطيات الغاز، فضلاً عن تلويح أردوغان باستخدام الهجرة كأداة مساومة سياسية من خلال فتح حدود بلاده لفترة وجيزة مع اليونان.
وتزامن التهديد الأوروبي لتركيا في القمة التي عقدها مؤخراً قادة الاتحاد الأوروبي عبر تقنية الفيديو بشأن أزمة اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، والتي فتحوا من خلالها الملف التركي لحقوق الإنسان. وإذا كان بعض الأوروبيين يرغب بتطبيع العلاقات مع تركيا بعد عام من التوترات، لكن الأغلبية سيعمدون إلى تحرك مشروط وتدريجي ويمكن العودة عنه كما أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في رسالة الدعوة إلى القمة الأوروبية.
وقد شدد ماريو دراغي، رئيس الوزراء الإيطالي على أهمية تجنب المبادرات التي تثير الانقسام وعلى ضرورة احترام تركيا لحقوق الإنسان.
كما اعتبر الاتحاد الأوروبي قرار الرئيس التركي بالانسحاب من اتفاقية اسطنبول لمنع العنف ضد المرأة بمثابة صفعة، فيما حذر الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيف بوريل من أن قرارات السلطات التركية الأخيرة تزيد من مخاوف الاتحاد الأوروبي بشأن تراجع الحقوق الأساسية للإنسان وتقوض مصداقية الالتزام التركي بالإصلاح.
ويعول دبلوماسيون أوروبيون على أن التغيير الرئاسي في الولايات المتحدة من شأنه أن يدفع بأنقرة نحو تحسين علاقاتها مع الأوروبيين.
إن مسودة الإعلانات الخاصة بالقمة نوقشت حتى اللحظة الأخيرة للتوصل إلى توافق، حيث اعتبرت قبرص واليونان أنها تتضمن الكثير من الحوافز لكن ليس ما يكفي من الشروط ما قد يؤدى إلى رغبة قوية من الجانب التركي بتطبيع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن الأشهر القادمة ستشهد يقظة مشددة، وإذا ما لوحظ تراجع في الموقف التركي فسيكون الاتحاد الأوروبي قادراً على الدفاع عن مصالحه.