تصريحات استفزازية
بدأنا نتلاءم رويداً رويداً مع أرقام الأسعار التي يصفعنا بها أصحاب المحلات بين ساعة وأخرى لكل السلع من دون استثناء، إذ ليس من السهل, على من أمضى نصف عمره يتسوق بالليرات والمئات, أن يدفع « الطعشات» لسلع اعتاد شراءها بالليرات.
وسواء تلاءمنا أو لا, فهذا شأننا ونعمل على تدبره، ولكن ما لا نجد له علاجاً هو بعض التصريحات الاستفزازية التي تتصاحب مع نار هذه الأسعار التي تكوي المواطنين على امتداد مساحات هذا الوطن، كان آخرها تصريح مدير الاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة عن نسبة الربح التي وصلت إلى 100% في عبوة زيت الزيتون, وذلك بعد «حسبة» أجراها لتكلفة «البيدون» !
لسنا بشأن تدقيق هذه الحسبة بعد المدير، ولكن الغريب المريب ألا يتم الإعلان عن ربح سلعة من السلع التي تصل أرباحها إلى 600% إلا لزيت الزيتون الذي يعد الموسم شبه الوحيد لمنتجيه، والذي ارتفع سعره ليس تقديراً لتكاليف إنتاجه لأن هذا لم يحصل يوماً في تاريخ العمل الزراعي، بل بسبب انخفاض الكميات المنتجة !
موسم الزيتون هو الموسم الذي تنتظره عشرات آلاف الأسر المنتجة من عام لآخر لكي تؤمن مصاريفها، وهذا الموسم يجود عاماً، ليجف حتى يكاد ينعدم بعده حداً أدنى ، أي إن الجانب الاجتماعي الذي يجب أن ترعاه وزارة الزراعة لا يتحقق حتى بهذه التسعيرة، ولكن هكذا هو الحال، فالحكومة بكل اختصاصاتها لا تجيد «التشاطر» إلا على الزراعة والمزارعين، فتفند لهم أرباحهم بمواسم عملهم المضني قبل أن تصبح في العبوات، ولم نسمع يوماً عمن يتحمس من هذا الفريق للبحث عن نسبة الأرباح التي يحددها التجار للمواد المستوردة، ونعلم أن المستوردات تتم عبر التلفونات ولا تحتاج إلى جهود يوم واحد في قطاف الزيتون مثلاً!
من حق الناس أن تأكل من زيت بلدها، ومن حق المنتجين أن يعوضوا تكاليفهم وأتعابهم ويربحوا أيضاً، وباستثناء العمل على هذه المعادلة يمكن وصف هكذا تصريحات بالمستفزة….!