كشف الاجتماع السري الأخير بين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومجموعة من مسؤولي الاستخبارات مدى التنسيق والتعاون بين هذه الأطراف لخلط أوراق المنطقة وتأزيم الأوضاع وحفر خنادق أمام قطار تفاهمات محتملة بين إيران والإدارة الأمريكية الجديدة وبشكل خاص بشأن الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته إدارة باراك أوباما (الديمقراطية) وانسحبت منه أحادياً إدارة دونالد ترامب (الجمهورية)، حيث أعقب ذلك الاجتماع تحرك حاملة طائرات ومجموعة من السفن الحربية الأمريكية باتجاه منطقة الخليج، في إشارة واضحة لتصعيد عسكري خطير قد يجر المنطقة والعالم إلى مواجهات مدمرة ربما تحرق الأخضر واليابس في منطقة الشرق الأوسط ويدفع ثمنها أولئك الذين يحرضون ترامب على القيام بعمل عدائي ضد إيران.
وفي هذا السياق جاءت جريمة اغتيال عالم الذرة الإيراني محسن فخري زادة على يد القوى الظلامية التي تحركها الأصابع الأمريكية- الإسرائيلية ويمولها النظام السعودي في محاولة يائسة لضرب الفكر العلمي والإبداعي الإيراني ووقف عمليات التقدم والتطور وعرقلة استخدام إيران أو غيرها للطاقة النووية في الأغراض التنموية السلمية.
إن هذا التنسيق المريب بين أمريكا التي تدعي “الديمقراطية ومحاربة الإرهاب والسهر على حق الإنسان في الإفادة من منجزات العلم” وبين ممولي الإرهابيين ونشر ثقافة السيارات المفخخة وقطع الرؤوس بالسواطير وتقطيع أجساد الضحايا بالمناشير الكهربائية وفي مقدمتهم نظام يحكم شعبه “بقوانين” تعود إلى فترات العبودية وكذلك تعاونه المطلق مع “إسرائيل” التي تحتل أراضياً عربية وتقيم المستوطنات وتخالف أبسط قواعد القانون الدولي، يكشف مدى التأمر والخداع والنفاق الأمريكي الذي يدفع العالم نحو الهاوية.
إن اغتيال العلماء وفي كافة الاختصاصات العلمية (النظرية والتطبيقية) هي محاولات يائسة ربما بدأت قبل اغتيال محمد الفاضل وزيد الشريطي وعبد الكريم رزوق وإبراهيم نعامة ومئات الأطباء والقانونيين والعسكريين في سورية، واستمرت عبر العقود الماضية في إيران وفي دول المنطقة عموماً لوضع العصي أمام قطار التقدم الذي يهدد المصالح الأمريكية والقوى الظلامية ومصالح “إسرائيل” الخارجة عن كل الضوابط القانونية والإنسانية.
إن جريمة اغتيال عالم ذرة ايراني بحجم زاده وفي هذا التوقيت هو تهديد خطير لكل القوى والكيانات ورجالات العلم والاقتصاد في المنطقة والعالم، ويحتاج إلى رد يتناسب مع حجم الاستهتار الأمريكي- الإسرائيلي- السعودي بالقيم الإنسانية.