شد أحزمة جيبه بعد ارتفاع أسعار اللحوم وخروج الفروج والبيض من قائمة استهلاكه الغذائي، لكن ظل “يشحذ” نفسه بطاقة الصبر طالما بإمكانه إطعام أفواه أفراد أسرته بخضارٍ منتجة محلياً تباع بأسعار مقبولة حتى حلّ فصل الشتاء وارتفع معه “دوز” البرد ومؤشر أسعار بعض هذه المنتجات “المؤهلة” بشدة للانضمام إلى شقيقاتها من السلع المحذوفة جبراً من المائدة السورية في حال استمرار استعار جشع التجار.. واستجداء مسؤولي التجارة الداخلية خاطرهم المجبور دوماً والاكتفاء بمطالبتهم بهامش ربح محدد من دون تكليف أنفسهم عناء التلويح بالعقوبات كالمعتاد.
غلاء أسعار منتجات أرضنا التي يضطر الفلاح لبيعها بـ”تراب المصاري” بينما تصل إلى الأسواق بأسعار “هاي كلاس” لا تناسب رواتب أغلبية المواطنين، يثير تساؤلات مشروعة حول عدم اتخاذ أي فعل يمنع ارتفاع أسعارها في مثل هذا التوقيت دوماً، في حين يمكن اعتماد حزمة من الإجراءات الرادعة أبسطها تفعيل الأسواق الشعبية مع الشراء مباشرة من الفلاح ونقل منتجاته إلى أماكن تموضع هذه الأسواق وطرحها أيضاً في صالات السورية للتجارة على نحو يخفف التكاليف إلى مستويات معقولة، مع إصدار نشرة تموينية منطقية الأسعار تجبر التجار على تسعير بضائعهم وفقها لا أن “تخط” بمشيئة جيوبهم، لكن يبقى الإجراء الأكثر فاعلية التوجه نحو دعم الفلاح وأرضه مع تشجيع كل مواطن على زراعة كل متر أرض يملكه بما يضمن تمكينه ذاتياً والتقليل من التوجه للشراء من الأسواق الغارقة بالفوضى بفعل فاعل مدعم بتقصير رقابي واضح يدفع ضريبته المواطن والخزينة.
مواجهة موجات الغلاء المتواصلة لم يعد ينفع معها الطريقة التقليدية بقمع المخالفات والتهديد برفع العقوبات، حيث يتطلب ذلك اعتماد تكتيك مضمون وخطة مدروسة لإنقاذ المواطن من أزماته المعيشية المستعصية، ولنا في سالف الأيام تجربة تدرس قوامها دعم الزراعة وتشجيع الزراعات الأسرية، فالفلاح رغم ضعف حاله قادر عند مدّ أرضه باحتياجات زراعتها على حماية المواطن من جشع التجار وضبط الأسواق على “الليبرة”، إذا أردتم حلحلة مشاكل المواطن ونقله إلى برّ الأمان بلا أزمات جديدة فلا تتجاهلوا هذه الوصفة المجربة.
rihabalebrahim@yahoo.com