صدر في الأسبوع الماضي الكتاب الأول لمذكرات الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والذي يغطي الفترة الأولى من رئاسته، وباع في الأيام الثلاثة الأولى لصدوره حوالي 900 ألف نسخة.. فهل أقبل الناس على الكتاب للإطلاع على حقائق حكم أوباما؟ وهل سيجد القارئ في كتاب أوباما ما يبحث عنه من حقائق؟ أم إن أوباما سيستعمل الكتاب لتلميع اسمه من دون أي اهتمام بالحقيقة ومن دون اكتراث بحق الشعب والعالم بالإطلاع على حقيقة ما جرى على يده أثناء وجوده في البيت الأبيض؟
عنوان الكتاب “أرض الميعاد” وهو عنوان يشع بشحنة صهيونية.. ألم يستعمل الصهاينة مفهوم “أرض الميعاد” في احتلال فلسطين؟ علماً أنه مفهوم مزور ودخيل على الديانة اليهودية، ولكن الكثير من الصحفيين العرب، ترجموا عنوان الكتاب على أنه “الأرض الموعودة” وفي هذا محاولة تبرئة أوباما، بدءاً من عنوان الكتاب ولكن الأمر واضح فاضح.
طبعاً الكتاب لم يتطرق إلى دور إدارة أوباما في إنعاش الحركات المتطرفة طمعاً في استخدام الإرهاب لتغيير الحكومات وتبديل الحكام بما يخدم مصالح الهيمنة الأميركية وسيطرتها على مقدرات شعوب المنطقة وهذا ما سمي بـ”الربيع العربي” والذي أنتج الفوضى والدمار والتهجير في ليبيا واليمن والعراق وسورية.
كما أنه نصب “الإخوان المسلمين” على حكم مصر قبل أن يقوم الجيش بإسقاطهم.. حتماً عدم اعتراف أوباما بشكل واضح بدور إدارته في إطلاق وحش الإرهاب هو التزوير بعينه. وعدم إعلانه مسؤولية إدارته عن مصائب “الربيع العربي” هو التضليل والنفاق والخداع..
في تصريح مواز لصدور كتابه، قال أوباما: إن “القضية السورية” مازالت تقلقني فهل قصد من كلامه هذا أنه نادم على ما تسبب به لسورية وشعبها على يد الإرهاب؟ أم إن ندمه يتعلق بعدم قيامه بالعمل العسكري العدواني الذي هدد به لتحقيق الأهداف الأميركية؟ وهل هذا التصريح تعويض عما نقص في الكتاب من الحقائق المتعلقة بالدور الأميركي المخرب والمدمر لسورية بإبهام وغموض؟ أم إنه يمهد لتوءمه واستمراره بايدن ليكمل ما بدأه من جرائم بحق سورية؟
لكن لابد لبايدن أن يستوعب ما قاله بن رودس نائب مستشار الأمن القومي في عهد أوباما بأن على الرئيس بايدن أن (يبتعد عن سياسات أوباما الشائخة، وأن يعمل على إصلاح الديمقراطية في الداخل، وإقامة نظام عالمي يقوم على التعاون والندية، من دون وضع شروط على الآخرين، وبلا إكراهات). ويبدو أن بن رودس اعتبر سياسات أوباما شائخة لأن سورية أحبطت هذه السياسات ولاسيما بقيام الدولة السورية بكسر الإرهاب وتحرير معظم الأراضي السورية منه والاحتفاظ بالمؤسسات بحالة فعالية معقولة طيلة سنوات الحرب..
إذا كان أوباما عنون كتابه بـ”أرض الميعاد” لتأكيد صهيونية سياساته في الداخل الأميركي والخارج العالمي؟ فهل يخرج بايدن من هذه المصيدة، أم يكمل “البلاوي” والمصائب التي بدأها أوباما وفق “ميعاده”؟.