لم تعد الكثير من “الخرافات” الشعبية مسلّيةً ومهضومة وتُدخِلُ “الفرفشة” على النفوس المهمومة. . كلُّ شيء باتَ معكوساً و”ملخبطاً”.
فعبارة “إذا حكّتك إيدك اليمين” لم تعد تعني أنك ستسلّم على صديقٍ عزيز وغالٍ إنما صارت تعني أنك ستصافح مصلّح الغسالات أو عامل التمديدات الصحية أو “الدكنجي” وهم يشدّون على يدك ويقولون لك: “شووو أستاذ كأنّك طوّلت بدفع الحساب؟!”
وإنْ “حكّتك إيدك الشمال” ليسَ معناها في أحسن الاحتمالات أنّك ستقبض مكافأة “مِحرزة” أو ستأتيك الهدايا محمّلة على الجِمال… بل يعني أنّ أولادك سيطلبون منك أنْ تمدّ يدك إلى جيبك أو إلى “جزدان” زوجتك لتناولهم مصروفهم اليومي ومتطلبات مدارسهم.
أمّا إنْ “طنّت أدنك اليمين” فمؤكّد أنك لن تسمع خبراً مفرحاً تستعذِبُه روحُكَ فتنشي طرباً وسروراً… بل على الأغلب يعني أنك ستستمع إلى رعود عواصف الارتفاعات المتتالية المرعبة لأسعار كل شيء حتى الهواء.
وفي حال “طنّت أدنك الشمال” إيّاك أن تبتهج وتهلّل وتقول في سرّك إنّ صبية عاشقة ولهانة تفكّر فيك في تلك اللحظة، وإيّاكِ صديقتي أن تعتقدي أنّها اللحظة القدريّة المُنتظرة منذ نعومة أظفارك المصطنعة وأنّ جارَك أو زميلك يهمسُ لكِ من أعماق روحه… إنما على الأرجح أنّ صديقاً ما سيتصلُ بك للمرة العاشرة وسيطلب منك بكل النبل وعزّة النفس وكل الحيل المتاحة أن تمرّ لعنده لأنه “يريد أن يُحدّثك بموضوع حسّاس جداً ليس له علاقة أبداً بأن تُقرضَه أو أن تستدين له مبلغاً ما على اعتبار أنك أنت أيضاً لا تملك إلا عزّة نفسك ونُبلك الذي لم يعد “ينصرف” بالعملة المحليّة ولا بالعملة الصعبة ولا حتى مقابل نكتة (كِدتُ أقول “تنكة”… تنكة مازوت أو زيت زيتون أو سمنة غير مهم… فكلّها غير موجودة)!
لكن كما تقول ستّي: “دروس الحياة مو ببلاش… دافعين حقّها من عمرنا كاش” و”لا تاكل همّ حدا… لأن وقت همّك الكل عامل ريجيم”… أي نعم!.