كثيرة هي القصص والطرائف التي تحكي عن فنون الرد والجواب والغباء أيضاً وسلوكياته, إن كانت في غابر الأزمان أو حتى اليوم يا سادة يا كرام، فـ«الكان يا ما كان» المحصور مغزاها بحكمة أو طرفة أو حتى جهل فلان، مرغوب بسماعها في الآذان ويتلقاها القلب ملقى المرحب والمؤهل به في كل آن وأوان.
ومن القصص المروية بكثرة هذه الأيام قصة المعلمة التي استدعت ولي أمر أحد الطلاب تشتكي إليه غباء ابنه الذي فاق الوصف والشرح والاحتمال, ولزوم التأكيد أعطته مثالاً وطلبت من الطالب الغبي أمام والده أن يذهب إلى قاعة الإدارة ليراها هل هي في القاعة أم لا؟ وراح الطالب بالفعل إلى قاعة الإدارة ورجع ينفي للمعلمة وجودها هناك، هزّت المعلمة برأسها، وأرسلته مرة أخرى إلى الباحة لعلّها تكون هناك! ولكن الطالب بكل «أكابرية» ومطواعية وصل حد الباحة ورجع يخبر المعلمة بأنها غير موجودة في الباحة أيضاً. وهنا جنّ جنون المعلمة واستنفرت عندها كل الحواس وبصوت عالٍ صرخت في وجه الطالب وأبيه: هل لاحظت درجة الغباء التي وصل إليها ابنك؟ ليرد الوالد وبهدوء المستغرب ردة فعل المعلمة واستنكر حالها بسؤال: يمكن يا آنسة لم تأتِ اليوم للدوام، حيث إن غياب المعلمة الموجودة أصلاً بين الطلاب وارد في الاحتمالات مادام الناطق بها جاهلاً بكل شيء ما عدا فنون الجواب!
لذلك ومن باب توخي العبر والتعلّم من القصص المروية أكثر من الضحك والاستمتاع بها على أنها نكات، يجب من باب الحيطة والاهتمام بمخرجات أفعالنا وأقوالنا وردات أفعالنا لتكون أولاً قابلة للفهم والاحترام وألا يكون همّنا الأول وجودها في وارد الاحتمالات ومنطقية الرياضيات التي تجعل من بعض الآراء مجرد «علاك بعلاك»!.