في جلسة “رواق” مع أحد أصدقائي الذي لايجيد القراءة والكتابة جيداً ولكنه مثقف جداً تناولنا أطراف الحديث حول الواقع المعيشي المزري الذي وصلنا إليه وماذا يعني متوسط راتب الموظف خمسين ألف ليرة التي لاتكاد تكفي لجولة بسيطة في أحد أسواق الخضر والفواكه الشعبية ، وحاولت تخفيف حدة النقاش والحوار بأن بينت له الدعم الذي تقدمه الحكومة للمواطنين ومنها نحو 17 ألف ليرة لكل مواطن دعم في الخبز وكذلك بالمحروقات والمشافي والمدارس المجانية والطبابة شبه المجانية …الخ … إلا أن صديقي نظر إلي وضحك ضحكة صفراوية وقال لي : (إذا بدكن تحسبوها بهاالطريقة يامتعلمين يابتوع المدارس) سنأتي معكم بنفس طريقة حساباتكم التي صدعتم رؤسنا بها .
وقال : سنحسب أن الحكومة تقدم دعماً لكل مواطن وحسب طريقة حسابكم 100 ألف ليرة شهرياً …وياسيدي 200 ألف ليرة مثلاً ، فرواتب الموظفين في الدول المجاورة متوسطها أضعاف رواتب موظفينا تقريباً يعني على حسابات أسواقنا 1.5 مليون ليرة وهذا يعني أننا نقدم دعماً للحكومة نحن كموظفين حوالي 1.2 ألف ليرة …( الله يرضى عليك مابقى تتشاطر علينا؟!!).
والغاية من طرح هذا النقاش بأن كل طرف لديه حججه ومبرراته ليناقش الآخر ، ولكن إذا أتينا إلى الواقع وبعيداً عن جميع هذه المناكفات نجد أننا نعاني من ضائقة اقتصادية ومعيشية خانقة وصلت إلى رغيف الخبز وأسطوانة الغاز والمازوت بسبب الضغوط الاقتصادية الجائرة والعنيفة التي يتعرض لها بلدنا بحجة أن الأعداء يضغطون على حكومتنا ولكن الصحيح أن هذه الضغوطات يتحملها جميعها المواطن فالمسؤولون لن يعانوا من الحصول على رغيف الخبز ولا على جرة الغاز ولا على أي شيء ولن يتغير عليهم شيء أبداً ، والحل الأمثل في مثل هذه الحالات كما فعلت دول أخرى تعرضت لنفس الأساليب الاستعمارية : هو أن نرمي هذه المناكفات جانباً ونعتمد على أنفسنا في الإنتاج ، والإنتاج يبدأ من قلة الكلام والخوض في هذه النقاشات العقيمة وينتهي بالزراعة والصناعة والسياحة والكثير من الدول تجاوزت ذلك ونحن كسوريين لن يصعب علينا شيء بإذن الله …ودمتم.