سئل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أن أدلى بصوته الانتخابي في الانتخابات الرئاسية المبكرة: لمن صوّت؟ فأجاب: “بايدن”، ولم يعط فرصة للصحفي لكي يتابع معه، أو أن يحصل منه على توضيحات بشأن إجابة كهذه، وكل ما عرف عن موقف ترامب هو إما أنه يسخر من بايدن، أو إنه يسخر من ذلك الصحفي الذي تعمد إثارة سؤال كهذا مع الرئيس ترامب المنافس الحاد لبايدن.
مع هذا فإن ترامب إذا ما أراد أن يمرر “طرفة” فإنها سمجة في كل الأحوال، ويصعب على الآخرين التعاطي معها لأنه لا يعرف أن يضبط نفسه حين يجد أن هناك حرجاً في جره إلى مواقف لا يحسب لها حساباً، فتسبقه الإجابة من دون التمعن في السؤال؟ أو حتى التفكير بما يلزم أن يجيب، ومن هنا تتناقض المواقف وعلى كل الصعد، إلى حد تلفيق الأكاذيب أو اختراعها، لعلها تنجيه مما قد يقع فيه من أخطاء ومغالطات بما يدعيه أنه “أسطورة” وهو “القادر” على أن يتجنب الهزائم لأنه يكرهها، ولا يرضى “إلا بالانتصار” على خصومه، وعلى كل من يريد أن يزيد من عمق الهوة التي ربما لا يراها، بحكم طبيعته وضعفه الذهني، وغياب المحاكمة العقلية عنده للكثير من المسائل والقضايا الشائكة والمعقدة.
بالنتيجة، هناك من تلقف طرفة ترامب، من الصحفيين والمعلقين الأمريكيين، وبنى الكثير والكثير عليها، والسؤال الذي طرحه هؤلاء هو: ما مصير الرئيس ترامب إذا صحت تقديراته في أن يكون بايدن هو الرئيس القادم؟ وهل سيتخلى ترامب من دون ضجيج ومن دون تمرد “متوقع” على نتائج الانتخابات الرئاسية؟ وما حاله حين يجد نفسه ضعيفاً أمام سلسلة من الإجراءات التي هي مجمدة الآن بحكم موقعه الرئاسي الذي يكتسب قوة يمنحها الدستور الأمريكي للرئيس؟ لكن في حال خسارة ترامب في الانتخابات، فإنه قد يصبح عرضة للمقاضاة على جرائم بعضها معروف ولا يزال الكثير منها مجهولاً، ويرى خبراء في القانون ضرورة خضوعه للمساءلة القانونية، وربما محاسبته على ارتكاب ما يمكن وصفه بجرائم ومنها: الاحتيال الضريبي والمصرفي وانتهاكات تتعلق بتحويل الحملة الرئاسية، والرشوة وإعاقة سير العدالة، والتسبب بموت عشرات الآلاف من الأميركيين جراء تعاطيه السيئ مع تفشي جائحة كورونا.
ومع ذلك يظل السؤال هو إذا ما كان ترامب قد دخل مرحلة الهذيان، حين نطق “ببايدن” في رده على السؤال المركزي الذي يعرف أنه على كل لسان في الولايات المتحدة وهو: من الفائز ؟ ومن الخاسر؟ بعد أن أصيب ترامب بما يشبه الصاعقة من مانشيت “نيويورك تايمز” في اليوم الأول من الاقتراع المبكر والذي حمل عنوان “بايدن يتجه إلى النصر”، و”انتخابات 2020 ليست كـ2016” التي جاءت بترامب إلى الرئاسة.