عائلة «الدروبي» الإبداعية
عندما تكتشف مبدعاً من مدينتك كنت تجهله تماماً، لا بد ستشعر بسعادة مميزة، وتسأل نفسك عن سبب جهلك به، فيأتيك الجواب: الرجل يعيش منذ فترة ما قبل الحرب خارج سورية، لكن بالتواصل الدائم معه ستكتشف أن له اهتمامات بالرسم، وينجز لوحات جميلة، ولعل الأهم من تلك اللوحات، ليس من باب التفاضل، لكن لأن في فن الرسم لدينا فنانون كثر، فالأهم ما أبدع في تخصصه العلمي، وهذا ما كنت تجهله ويجهله ربما المجتمع السوري بأكمله. وبما أنه لا مجال للاستطراد، أشير إلى أنني أتحدث عن د.غازي الدروبي، شقيق المترجم الشهير الراحل د. سامي الدروبي الذي يشار إليه دائماً إلى أنه خير من ترجم أدب «ديستوفسكي» للعربية، رغم ترجمته له من لغة وسيطة وليست الروسية. وخلال متابعتي للأعمال الخاصة بالدكتور غازي شاهدت بعض اللوحات التي يعرض صوراً لها وينشرها على صفحته الشخصية فأتفاعل معها من باب الإعجاب، وفيما بعد بدأ د. غازي يشير إلى ما أنجزه شقيقه الأصغر الراحل عزام، قبل أن يشير إلى إنجازاته هو، يمنعه تواضعه، رغم حقه بالافتخار بها وتسليط الضوء عليها. لقد كان شقيقه عزام مهندساً ميكانيكياً أحب التصنيع، فأنشأ معملاً لتصميم وإنتاج كافة تجهيزات مخابر الأسنان، لقد غطى إنتاجه الاحتياجات المحلية لكل المحافظات السورية، كما أنه كان يصدّرها للعديد من البلدان العربية مثل مصر، اليمن، موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس والسودان. ولا تزال تلك التجهيزات تعمل بكفاءة عالية، رغم مرور عشرات السنين على إنتاجها. ولكن يا للأسف، غادرنا عزام للدار الآخرة منذ خمسة وعشرين عاماً، ولم يكن قد بلغ الخمسين من العمر. أما د.غازي فقد نال الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة برمنغهام بإنكلترا عام ١٩٧٢. ولديه ستة كتب وكتيبات في الرسم الهندسي وتصميم الآلات وتصميم آلات النقل والرفع وتصميم الدلائل والمثبتات. شغل مناصب عدة أعلاها كان وزيراً للنفط والثروة المعدنية في سورية من آذار ١٩٨٤ حتى تشرين الأول ١٩٨٧. ومن إنجازاته المهنية الهندسية: تصميم وتصنيع آلات طبع اللوحات الفنية لمراكز الفنون التشكيلية في محافظات القطر وكلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق وعدد من الفنانين التشكيليين داخل القطر وخارجه، دراسة وتنفيذ الأعمال الميكانيكية والكهربائية في مصنع التلفزيون «سيرونيكس»، وإنجازات أخرى مهمة عديدة. ولأن من واجب الصحافة تسليط الضوء عليكم، أشرنا وإن باختصار، فعائلتكم المبدعة تستحق ذلك، وبأمثالها سورية تفتخر.