أعتقد أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية باتت الحدث الأكثر متابعة من المهتمين ومن غير المهتمين بالسياسة، خاصة أن حالة الرعب التي يعيشها دونالد ترامب من احتمال الخسارة أوصلته إلى مرحلة الجنون المترافق بالهيجان، هذه الحالة التي تسيطر عليه منذ عدة أسابيع جعلته يهدد بعدم تسليم السلطة إلى خصمه حتى ولو خسر الانتخابات، وفي تصريح آخر قال إنه سيهاجر من أمريكا إن خسر، إضافة إلى سيل من الأكاذيب التي دفعت وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك وتويتر” إلى حذف الكثير من “تغريداته” وتوجيه الاتهامات المباشرة له بالكذب لدرجة أن أكاذيبه باتت لا تتوافق مع الحد الأدنى لشروط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وما يزيد الطين بلة أن ترامب المرعوب من الهزيمة بات من الآن يتهم دولاً وأفراداً اتهامات باطلة من عيار “التدخل والتأثير على الناخبين الأمريكيين” لدرجة أنه أصدر منذ يومين قائمة عقوبات بحق هيئات وأشخاص إيرانيين بزعم أن هؤلاء “يحاولون التأثير على الناخب الأمريكي!” وكأن الأمريكيين باتوا ألعوبة بيد من يشاء، أو إنهم فقدوا القدرة التي تؤهلهم الاختيار بين “فاسد وكذاب” وفق ما أكدته مناظرتا ترامب وبايدن، حيث اتهم ترامب خصمه بايدن بالفساد وأنه تلقي هو وابنه أموالاً غير نظيفة من شركات ودول، فيما كرر بايدن مرات عديدة بأن ترامب غير صادق وأنه يستمر في عمليات الكذب على الجميع، فيما أكدت وسائل إعلام أمريكية أن ترامب فاسد أيضاً لأنه يتهرب من دفع الضرائب وهذا يعني أنه كاذب وفاسد إضافة إلى دزينة من الخصال غير الحميدة التي خبرها الأمريكيون وغيرهم عبر السنوات الأربع الماضية.
لقد تم وضع الناخب الأمريكي في وضع لا يحسد عليه لأن عليه أن يختار بين فاسد وبين فاسد وكذاب والأسوأ من هذا وذاك أنه يتعرض لحملة تشويه من رئيسه الحالي، فهو كالطينة التي “يلعب بقراراته الانتخابية روس وإيرانيون” وربما أناس من بلاد الواق واق!
إن عقوبات ترامب الأخيرة واتهاماته لأشخاص وكيانات “بالتدخل” في الانتخابات الأمريكية هي مقدمة للطعن بالنتائج إن لم تكن لضمانه قرارات قضائية لصالحه بعد أن عين قاضية من طرفه مخولة بالبت في الطعون الانتخابية.
إن ترامب يمارس الضغط في كل الاتجاهات، لكن الضغط الأكبر ينصب عليه ذاته، وربما يفقد ما تبقى من عقله أو حياته قبل معرفة ا