الرياح تأتي بالبشائر
ذات الوجه المليح كانت تبكي بحرقة وكأنّ دموعها تروي قصصها المملوءة بالوجع والألم والفقد .. قالت : ما أكثر زفرات الأسى التي تسري في الحياة كنهر لا تجف ينابيعه، ولا تنفد أسبابه، وكأن النفس مطبوعة على الفقد والفراق والبكاء على الأطلال !
هذه التأوهات وجدت في آذان السامعين أثراً ما جعل كل من يسمعها أو يشاهدها يبكي على وجعه .. وألمه.
عندما دخلت السيدة الوقورة .. هالها المنظر الكئيب فقالت: افتحوا النوافذ ، إن هذه الكآبة تورث المرض ، وتذهب بالحماسة والرغبة في الحياة والنهوض من جديد … وتخالف قوانين الروح التي تدعو إلى الإشراق الداخلي الدائم وكبح الهموم والأحزان وعدم الاستسلام لها.. وتبسمت في وجه المليحة وهي ترفع رأسها بيديها وتنظر في عينيها ..
يا بنيّة :إن الأمل هو الحل للهموم .
لقد كان المعلم الجميل يدعو الناس الى الأمل والتفاؤل فيقول :
“يسّروا ولا تعسّروا وبشّروا ولا تنفروا “.
ثم بدأت تنشد :
دعِ المقاديرَ تَجْري في أعنَّتِها / ولا تبيتَنَّ إلا خاليَ البالِ
ما بين غَمضةِ عينٍ وانتباهتِها / يُغيِّرُ اللهُ مِن حالٍ إلى حالِ.
كانت الكلمات كعود من طيب نثر العطر في المكان فلما بان لها أثره الجميل تابعت تنشد :
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ / أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اليأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ / لا تَيْأَسَنَّ فإنَّ الكافيَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعدَ العُسرِ مَيْسَرَةً / لا تَجْزعَنَّ فإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ / إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
واللهِ مَا لَكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ / فحَسْبُك اللهُ في كلٍّ لكَ اللهُ
كانت ريح لطيفة قد طيبت المكان وآنسته وزين الأمل الوضاء الوجوه فأزال بأس التعب والهموم …وحين تصدرت السيدة المجلس قالت :
أعللُ النفس بالآمال أرقبها / ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل
كانت ابتسامات صغيرة قد بدأت ملامحها تنير نفوس الحاضرات وقد أشاعت في المكان إشراقاً وضياء ..
أصبح الجو طيباً ومنعشاً , قالت: هل نبدأ قصة المولد ؟!.