وقف أمير يبتهل إلى الله ويحمده ويشكره لأنه لم يشمله آخر قرار للثبيت في دوائر الدولة، وانطلق مسرعاً لإخراج ورقة غير موظف بعد أن تلقى اتصالاً من زملائه في الدراسة، يخبرونه برغبتهم إحياء جمعتهم و”لم شمل” الشلة من جديد، فهم بحاجة لمعرفة أخبار عناصر الشلة التي لم تجتمع منذ قرابة العام، وتحديداً منذ آخر زيادة للرواتب، هو يعلم حتماً أن ذلك الإحياء سيكون على حسابه وبالبنط العريض “رح يطلع من عيونه”، ففي آخر مرة التقوا فيها وكانت مناسبتها تهنئته بمرسوم زيادة الرواتب، اضطر لأخذ سلفة على راتبه بعد الزيادة لدفع مبلغ العزيمة، فكيف هي الحال حالياً وقد صدرت زيادة ومنحة على الراتب ؟! فكانت ورقة غير الموظف هي المنقذة في رأيه عبر ايهام زملائه بعدم شموليته للمنحة والزيادة.
على الطرف الآخر يدخل أبو أحمد مطأطئً رأسه خجلاً عند دخوله الى المقهى، فالجميع يعلم أنه يعمل كموظف في القطاع العام، ترمقه نظراتهم “مبحلقة” فيه وأصابع الاتهام موجهة إليه وكأنها تقول: “اكمشوه هذا هو المسؤول عن رفع الأسعار”.. فكلما صدر مرسوم زيادة على الرواتب أعقبته زيادات اسعار وو
أي إنه رغم تعتير الموظف فقد أصبح محسوداً من قبل البعض، لا بل مكروهاً أيضاً يتحول إلى فريسة ينهش بلحمها بعض التجار بعد كل زيادة راتب، كنوع من العقاب ولسان حالهم يقول: “ادفع.. هي زاد راتبك. ما عاد إلك حجة” متناسين أن راتب هذا الموظف المعتر لا يشتري أكثر من كيليين “كول وشكور” ومصاصة !.
لكن وبعيداً عن كل هذه الحقائق، الملاحظ هذه المرة غياب فرمانات وتعميمات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي كانت تعقب صدور مرسوم الزيادة، والتي تحذر من خلالها أصحاب الفعاليات التجارية من استغلال هذا المواطن الغلبان من خلال رفع أسعار المواد والسلع في الأسواق وإنزال أقسى العقوبات بحقهم، قد يكون السبب في أن الأخيرة وعت وأدركت تماماً أن تعميماتها مجرد حبر على ورق أو أنها تريد أن تقول له “دبر حالك كيف ما بدك” ..