أثرياء الأزمات!
تكون الأزمات عادةً فرصة وامتحاناً لمعرفة مدى الالتزام بتطبيق القوانين، والقدرة على التنظيم واتخاذ القرارات المناسبة للحالات الحرجة، ومدى التقيد بتنفيذ تلك القرارات بما يخدم الحالة العامة للخروج من الأزمة بأقل الخسائر والصدمات والآثار السلبية، وهذا ما يعرف بفن إدارة الأزمات.
لكن للأسف تتحول الأزمات لدينا إلى فرصة رائعة لأثرياء وتجار الأزمات للاستفادة المادية القصوى لملء الجيوب المتخمة أصلاً، ضاربين عرض الحائط بكل النتائج السلبية والكارثية التي يمكن أن تنجم عن ذلك.
فأثرياء الأزمات أتقنوا فنون التلاعب والالتفاف والدوران على القوانين والقرارات، وذلك بالتعاون مع بعض أصحاب القرار وضعاف النفوس لأن الفائدة عادة تكون مزدوجة.
فمئات السيارات يركنها أصحابها قبل يوم أو يومين أمام كل محطة وقود متوقعة، وبعد الانتظار الطويل يعود الكثيرون خاليي الوفاض , فأصحاب الحظوة والمعارف والمستفيدون يتسابقون للحصول على البنزين وهم الأوفر حظاً.
من خلال معادلة بسيطة نرى أن صهريج البنزين يكفي لعدد معين من السيارات والدراجات النارية لكن في الواقع ومن خلال المراقبة المتكررة من الناس لبعض المحطات أكدوا أنه لا تتم تعبئة نصف العدد أو أكثر بقليل، ليعلن العاملون فيها أن كمية البنزين نفدت، أما الكمية المتبقية كيف وأين تبخرت..لا يعلمها إلا الله وأصحاب المحطات وأصحاب الشأن طبعاً !!!، وإلا من أين تأتي تلك الكميات التي تباع في السوق السوداء وبأسعار خيالية؟
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل عجزنا حقاً عن حل تلك المعادلة البسيطة بتوزيع الكميات الموجودة من المادة بشكل نظامي وعادل إلى حد ما، والغريب أن الفوضى والخلل يأتيان في أغلب الأحيان من الجهات التي من المفروض أنها تعمل على تنظيم عملية التوزيع.
والحقيقة أن هذا الانتظار على محطات الوقود شلّ حركة الناس والحركة الاقتصادية وأثّر في عملية الإنتاج، كما أدى إلى هدر وخسائر كبيرة , فالكثيرون يهدرون وقتهم بالانتظار بدون فائدة، أضف إلى ذلك أعطال السيارات التي تسببها كثرة التشغيل وهدر المزيد من البنزين، علماً أن هناك طرقاً وحلولاً عديدة تجنّب الناس حالات الانتظار.
الوعود السابقة الفارغة بانفراج أزمة البنزين مع بداية الشهر الجاري أدت إلى انعكاسات سلبية وعقّدت المشكلة, وهناك الآن وعود بانفراجات جديدة, نأمل أن تكون حقيقية وسريعة بحيث تؤدي في النهاية إلى وضع حد للمتاجرة واستغلال الناس, وما يحدث بالبنزين يمكن إسقاطه على بقية المواد الضرورية الأخرى للمواطن.