إلى مزيد من الكوميديا تتجه الانتخابات الأميركية، بعدما قررت لجنة المناظرات الرئاسية أنها مضطرة إلى ممارسة عملية «تخريس» ضد كل من ترامب وبايدن حتى لا تفقد المناظرة الأخيرة بينهما -المقررة غداً الخميس- “قيمتها وهدفها”، وتتحول كما سابقتها إلى «حفلة ردح» في ظل تفلتهما من كل القوانين والضوابط المعروفة والتي تحكم تاريخياً هذه المناظرات.
كان لا بد من تغيير القوانين، هكذا تقول اللجنة. فكل ما يجري في هذه الانتخابات خارج المألوف حتى على مستوى التوقعات التي لم تستطع حتى الآن -وقبل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات- أن تحدد ولو من باب الاحتمال من سيفوز.
في المناظرة السابقة (29 أيلول الماضي) عجز مدير المناظرة عن إسكات أي من ترامب أو بايدن.. فما إن يطلق أحدهما لسانه بالكلام حتى يحتكر “الميكروفون” لنفسه رافضاً إدخال لسانه مجدداً إلى فمه، فيما الآخر يطلق لسانه في الوقت نفسه ليتحول مسرح المناظرة إلى ما يشبه مَثَلَنا الشعبي «حمام وماؤه مقطوعة». هذا ما لا تريده اللجنة، مُعلنة تغييرها القواعد لتناسب مرشحين بمثل مواصفات ترامب وبايدن.
لكن كل هذا لن يفيد، عملية “التخريس” لن تمنع ترامب من قول ما يريد وإلقاء الشتائم والسباب.. ولن تمنع بايدن من الرد بالمثل من دون أن يكون هناك جواب مفيد لكل الأسئلة التي يطرحها الأميركيون حول توجهات ونيات المرشحين، لذلك تعجز التحليلات التي تعج بها الصحف داخل أميركا وخارجها، عن إعطاء صورة حقيقية حول نيات التصويت لمعرفة من هو الرئيس الأميركي المقبل.
العملية تحتاج إلى أكثر من عملية “تخريس” بايدن وترامب بحجب “الميكروفون” عنهما. ربما كان من الأفضل إلغاء هذه المناظرة، فما الفائدة من تكرار المناظرة السابقة، في ظل أن لا جديد لدى ترامب أو بايدن حتى في ظل ما يُقال عن كثافة التصويت المبكر غير المسبوق (والذي بلغ 30 مليون أميركي) وفي ظل أن هذا التصويت جاء لمصلحة بايدن.
كل ما يُقال لا يخرج عن إطار الأقوال التي ثبت في أكثر من مناسبة أنها غير موثوقة بما يكفي لتحديد من سيفوز، وسيستمر الحال حتى اليوم الأخير.